” حزب الله ” اللبناني : التناقض المدان بين الأقوال والأفعال

“أسمع كلامك أصدقك … أشوف عمايلك أستعجب” مناسبة استحضار هذا المثل الشعبي المصري الشائع المعروف، مردها يعود للبيان الذي أصدره ما يعرف ويسمى بـ ” حزب الله ” اللبناني، الذراع اليمنى لما يعرف بـ ” الحرس الثوري الإيراني”، على خلفية العملية الإجرامية التي شهدتها عاصمة الشمال طرابلس ليلة عيد الفطر المبارك في 3/ 6 الشهر الجاري، والتي إرتكبها الإرهابي عبد الرحمن خضر مبسوط ” الذئب المنفرد ” المصطلح بحسب ما اعتمدته الأجهزة الأمنية اللبنانية، وراح ضحيتها أربعة شهداء من الجيش وقوى الأمن الداخلي في لبنان.
        وهنا أقتبس بعضاً من أهم ما جاء في بيان هذا الحزب والذي نشرته مختلف وسائل الإعلام اللبنانية: ” الاعتداء الإرهابي الذي استهدف القوى الأمنية في طاربلس…. هذه المجموعات الإرهابية التي تنتمي إلى الفكر ….التكفيري واالإلغائي لا تراعي حرمة للدين ولا الأخلاق ولا القيم، ولا هم لها سوى القتل وسفك الدماء” ولم يغفل البيان ” .. ضرورة تكاتف اللبنانيين وتوحدهم في مواجهة هذه الآفة الخطرة ” إلى هنا وانتهى الاقتباس.
       ألم يطرح هذا الحزب الميليشياوي على نفسه السؤال قبل أن يصدر بياناً كهذا، كم من أرواح المسلمين التي زهقت على يديه جراء أفعاله الإجرامية الإرهابية..؟  ليدين عبر بيانه العملية الإجرامية الإرهابية التي ارتكبت في طرابلس، كفاقدة العفة وتحاضر بالشرف.
    لاشك أن العجب والاستغراب ليسا في إدانة هكذا عملية إجرامية إرهابية وجميع الأعمال الإرهابية إينما وقعت ومن استهدفت، وهي مدانة بكل المقاييس والمعيار والمفاهيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، بل العجب كل العجب والتعجب والاستغراب، هو أن يصدر هكذا بيان إدانة من قبل حزب ارتكب ومايزال يرتكب مختلف الأعمال الإجرامية الإرهابية على إمتداد ساحتنا العربية بحق شعبنا العربي بدءا من الداخل اللبناني مروراً بسورية ووصولاً إلى اليمن، وناهيكم عن العراق، وهنا ستفرض حزمة من الأسئلة نفسها علينا، أسئلة للوقوف على التناقض الصارخ ما بين أقوال هذا الحزب وأفعاله وفي مقدمة هذه الأسئلة ما يتعلق بلبنان، الذي يزعم هذا الحزب أنه جزء من نسيجه الاجتماعي، فهل يحق لميليشيا مارست الإجرام والإرهاب بمحتلف أشكالهما النفسية والمعنوية والفكرية والجسدية أولاً بحق اللبنانيين الذين وقفوا لها بالمرصاد في وجه ممارساتها وأعمالها بذريعة ومزاعم مقاومة وممانعة …التحدث عن حرمة الدين..؟ والدين منه براءة، وهل يحق لمن نفذ – بحسب الأشقاء اللبنانيين – 7 أيار 2008 واستباح بيروت وقتل وهدد، أن يتحدث باسم الدين والأخلاق والقيم…؟، وهي العملية التي تضاف إلى سلسلة عملياته في لبنان، وتختزنها ذاكرة الشعب اللبناني. وهل من تدخل ويتدخل يومياً في اليمن الشقيق عبر دعمه اللامحدود للحوثيين هناك في مواجهة الحكومة الشرعية اليمنية والشعب اليمني المسالم، عبر دعمه للحوثيين لوجستياً وعسكرياً وبشرياً بالعتاد والسلاح والتدريب، و يحاول استهداف المملكة العربية السعودية الداعم الأول والأساس عبر تحالف عربي لليمن, من أجل إعادة الأستقرار والأمان ليس لليمن وحده وشعبه، بل للقرن الهام من منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر، و يحاول أيضاً استهداف مكة المكرمة بيت الله الحرام أن يتلفظ باسم الدين والأخلاق والقيم ….؟ فعلاً عجبي.
     ليس هذا وحسب فالأسئلة لم تنته بعد حول أبعاد هذا التناقض من قبل هذا الحزب، فهل من قتل أبناء الشعب السوري الحر, وطردهم من منازلم وأراضيهم في منطقة القصير والقلمون وحوران وريف دمشق وحلب ودير الزور وشردهم، وحولهم إلى نازحين ولاجئين في المخيمات التي باتت منتشرة من لبنان إلى الأردن وصلا إلى تركيا، بالله عليكم هل يحق له ذكر اسم الدين والأخلاق والقيم، عن أي دين يتحدث هؤلاء الذين استباحوا دماء العرب المسلمين وغير المسلمين في لبنان والعراق واليمن وسورية, تنفيذاً لأجندات وأوامر ولي الفقيه في قم وطهران ..؟
    قال الله سبحانه وتعالى يذم من يقول عكس ما يفعل :
 ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )(3) سوره الصف “. والآية ليست بحاجة إلى شرح، كلام منزل في غاية الوضوح، بمعنى على من يقول أن يطبق أقواله و لايفعل عكسها، فإدانة الإجرام والإرهاب لا تكون من قبل من يرتكب فعل الأجرام والإرهاب، بل من قبل غير مرتكبهما.
     يبقى السؤال وهو متى سيكف ما يسمى بـ ” حزب الله ” اللبناني وأمثاله عن الضحك على عقولنا، كي نصدق ما يقولونه ويصدر عنهم، أم أننا نصدق ما نشاهده من ارتكابات يندى لها جبين العرب والمسلمين والإنسانية جمعاء من موبقات بحق شعبنا العربي في كل مكان، عندما يتوقفون عن أفعالهم الدنيئة، حينها يمكننا أن نصدق أقوالهم التي ستتطابق مع أفعالهم، ومن غير ذلك يظل الأمر مجرد ضحك على العقول، عبارة عن هباء منثور تذروه الرياح بعيداً .
                                                                       غياث كنعو
                                                                إعلامي وصحفي سوري – المانيا

شاهد أيضاً

عن الاصطفاف الأميركي- الأوروبي مع إسرائيل

خطار أبودياب شكلت مفاجأة تخطي جدار غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منعطفا في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *