الفنان هيثم قطريب : الثورة من سينتج النخب السورية الحقيقة…

جمع بين الفلسفة والموسيقى، اعتقل بتهمة مزعومة لنشاطه السياسي، الذي كان قد اعتزله قبل أشهر من اعتقاله، تجالسه لا تكتشف سوى طفل بريء، يعشق الحياة والحرية والنور، يكره الظلم والظلام، يدافع عن الحق ويؤمن بالعدالة، أضاعت أجهزة الأمن واستخبارات النظام في سورية عشر سنوات من عمره بين زنزانات وجدران معتقلاتها سيئة الصيت والذكر، ولكن لم تفلح في قتل الأمل بداخله، سعى للإبداع، لينقل للعالم رسالة مفادها، إن بين السوريين مبدعين فنانين ومثقفين، وعشاق حرية وحياة, ولم ولن يكونوا يوما ارهابين أو مجرمين، كما أراد النظام المجرم الإرهابي القابع في دمشق أن يقدمهم للعالم، ويلصق بهم تهمة هم منها براء، كبراءة الذئب من دم يوسف.
        الفنان والمعتقل السياسي الأستاذ هيثم قطريب، ابن مدينة السلمية درة البادية في سورية، الذي جمع بساطة البداوة بحكم موقع مدينته، وروح الفكاهة بحكم قرب مدينته من حاضنة النكتة السورية مدينة حمص العدية. إلى جانب شجاعة غير متناهية استمدها من أهل محافظته حماه التي لا يفارقه الحنين إليها.
       أمضى سنوات عمره الستين متنقلاً بين السلمية ودمشق وبيروت، عشق الموسيقى ولحن فيها, وكذلك الكتابة، التي دفعته للعمل في مختلف دور النشر، لم تتسن له تلك الفرصة في بلده ليقدم ما لديه، لحين وصوله إلى سويسرا، البلد الذي اختارته له الأمم المتحدة ضمن برنامجها في إعادة التوطين للمهجرين والملاحقين والمشردين من بلدانهم، ليعزف بعد وصوله بفترة وجيزة على مسارحها برفقة أوكسترا ) Aarau) عاصمة كنتون (Aargau) السويسري ، مؤكداً أن الموسيقى لغة العالم, والجميع يفهمها مهما كانت لغته أو جنسيته أو دينه. 
      تجدر الإشارة إلى أن الأستاذ قطريب، كان قد وضع لحنين لمسرحيتين من تأليف وإخراج الممثلة المتألقة دائما أمل حويجة، وغناء المطربة القديرة هالة أرسلان، وقد عرضت إحدى هاتين المسرحيتين في مهرجان دولي بحلب عام 2005، تحت رعاية الصليب الأحمر السويسري والسفارة السويسرية في دمشق. 
      أدت المطربة هالة أرسلان  قصيدة من ألحانه وكلمات الشاعر علي الجندي بعنوان ” نبوءة “وذلك على مسرح الحمام الأثري في مدينة سلمية مسقط رأس الشاعر الجندي. 
   في جلسة صفاء أثناء زيارته لنا في المانيا، كان لنا معه هذا الحديث، حول تجربته خلال السنوات التي خلت من عمره :  
1- أمضيت تسع سنوات وثمانية أشهر معتقلاً في معتقلات النظام في سورية، ما الدرس المستفاد ..؟ وما النتيجة التي خرجت بها، بعد كل هذه السنوات ..؟ .

      * إن السجن السياسي، ماهو إلا لحظة مراجعة كبيرة مع الذات، ودرس يمكن أن يستفاد منه، لمن أراد أن يسهم في إحداث تغيير على الصعيد الشخصي، إلى جانب امتلاك الرؤية الموضوعية للأفق العام الذي اشتغل لأجله، لقد عملنا لأجل أن يكون بلدنا مزدهراً ويسوده القانون حتى تتحقق رفاهية المواطن وأمنه الاجتماعي, لكن وبكل أسف، لم يكن بالإمكان إنتاج نخب سياسية حقيقية في سورية، لأسباب عدة  أبرزها : القمع المركز والممنهج من قبل نطام الاستبداد البعثي الذي جُيء به في عام 1963، واستمر بشكله الفاضح خاصة بعد عام 1970، ببعده الطائفي، أي محاولة ابراز الشكل الطائفي للمجتمع .
        إذاً في ظل غياب الحريات السياسية وهي روح المجتمع لتقدمه وازدهاره، جُّرَ الفرد نحو الاحتماء بمكونه القَبّلي إما  المذهبي وإما القومي وإما الأثني. ومن خلال ما تقدم اكتشفت أن هذه الأمراض محمولة مع الكثير من النخب التي عايشتها في المعتقل، وفي خارج المعتقل.
         بعد هذه المعايشة لعينات من معظم مكونات الشعب السوري، تولدت لدي فكرة مفادها أنه لابد من التركيز على إنتاج مبادرات ومنابر سياسية تقود المواطن باتجاه تعزيز مفهوم لديه ألا وهو إنه سوري فقط، بحيث يجعل الهوية السورية تتقدم على ما عداها من مفاهيم دينية أو طائفية أو حزبية أو قبلية وغيرها، بمعنى الانتماء والولاء للوطن وليس لتلك المفاهيم الضيقة، إلى جانب ترسيخ قيم الديموقراطية كسلوك يومي, وصولاً إلى العمل على أن يكون هناك قبل كل شيء دولة مرتكزة على مؤسسات دستورية شرعية بدلا من الفرد أو الحزب الواحد.

     وفي ظل كبح وقمع المبادرات الإنتاجية المادية والفكرية والسياسية الحرة المقنَّنة من قبل سلطة الاستبداد البعثي كان لابد لهذا الظلم والقهر اليومي واستلاب أدنى حقوق المواطن، إلا ان يولد انفجارا شعبياً عفوياً صاعقا ضد النظام من ناحية، وفي وجه المواطن نفسه من ناحية أخرى، وذلك لعدم وجود القوى المنظمة الحقيقية لقيادة هذا الانفجار، الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى نظام ديمقراطي عادل، بكل أسف ما حدث كان العكس تماماً، إذ سحب البساط من تحت أقدام الجماهير المنتفضة عبر تفريخ قوى ظلامية، ليتحول هذا الانفجار إلى عمل سلبي ضدها، قوى ظلامية متحالفة مع النظام بشكل أو بأخر لإجهاض انتفاضة الكرامة والحرية. 
       لم تتوقع معظم النخب السياسية السورية أن تتحول هذه المنطقة الجغرافية بمكوناتها االديموغرافية المتنوعة إلى فعل خطير يرسم خارطة الإقليم برمته، يعيد رسم التموضع السياسي للمنطقة على أسس ومفاهيم جديدة، لتُجر دول الإقليم الى مستنقع لا خلاص منه، ومن ثم جُرت معها القوى العظمى, وبخاصة انخراط روسيا بشكل مباشر، بزعم دخولها بطلب من النظام ” الشرعي “، الذي سقطت شرعيته مع أول مظاهرة خرجت إلى الشارع في سورية داعية إلى إسقاطه، سعياً منها أي روسيا لتحقيق مكاسب غير مضمونة لا العواقب ولا النتائج؛ وبرأي الشخصي لقد شرعت أميركا اللاعب الرئيس في العالم, لهولاء المراهقين الباب، و نسي هؤلاء عن دراية أو عدم دراية، أن فخاً نصب لهم حين تاهوا في زواريب هذه الحرب القذرة التي لا أفق واضح لحلها، أعتقد أن الكل سيموت على هذه الأرض. والرابح يبقى واحداً وحيدا أي كان, فهل يربح..؟!.
2- ألتقيت خلال وجودك في المعتقلات بعدد من الشخصيات، من مختلف مكونات الشعب السوري، وتياراته السياسية، ما الانطباع الذي تشكل لديك، وخرجت به من تلك التجربة …؟.      
       *  إضافة لما أشرتُ إليهِ في معرض الجواب على السؤال الأول, لقد كشف السجن عيب النخب السورية، لم يكن هناك نخب اصلاً. فمعظم هولاء الذين سميوا نخب مناضلة، حملوا معهم إرثهم المحلي، الذي أثقل كاهلهم, بحيث بات صعب عليهم التخلص منه، إن كان هذا الإرث لناحية العادات والتقاليد أو بمعنى البعد الديني والأضيق الطائفي. وبعد أن استقر الحال لنظام حافظ الأسد ومطيته حزب البعث وضع يده على مقدرات البلد كاملة. وهنا يتولد السؤال ومفاده أين كانت معظم تلك النخب السورية؟ الجواب على ذلك هو أنها كانت بشكل أو بآخر أحدى مجرد أدات وأدوات بيد نظام الاستبداد. بدورها أعطت التيارات الدينية بعداً آخر لتجذير وتعميم ظاهرة الاستبداد ومنحها الشرعية المطلوبة على المستويات كافة محلياً وإقليمياً ودولياً، وكم كنا نحن حينها أنصاف سياسيين.      
3- كنت ضمن مجموعة عشرة معتقلين سياسيين دشنتم معتقل سجن صيدنايا سيء الصيت والذكر في عام 1988, في أول استضافة له، وكنت أول من خطى الخطوة الأولى إلى داخله …هل من وصف لتلك اللحظة ..التي لم ولن تفارق مخيلتك …؟.
       *  ببساطة قلت لنفسي بلد يستجلب الخبراء الأجانب ويقدم لهم الرواتب المغرية من قوت شعبه, وفي الوقت نفسه يستغل جهد المواطن ويجعله يبني سجنه بيده، بدلا من أن يوظف هذا الجهد في بناء مدرسة أومسرحٍ أو دار للسينما، حتما بلد ذاهب الى الهاوية، حينها قلت لرفاقي تصوروا لو كانت هذه القلعة منبراً ثقافيا، بدل أن تكون سجناً للعقول والرأي الحر، ضحكنا حينها لكننا الآن نبكي عجزنا، وهنا يحضرني مثل عن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز حين كاتبه والي حمص قائلاً له: ” يا أمير المؤمنين نطلب أموالا لتسوير مدينة حمص من الأعداء”،  رد عليه الخليفة عمر قائلاً: ” سورها بالعدل تسلم” . 
4- لا نريد فتح الجروح المتقيحة من تلك الذكريات الأليمة المؤلمة، في العديد من المعتقلات، ولكن ما هي أشنع وأقسى اللحظات التي مررت بها وعايشتها داخل تلك المعتقلات …وأين ..؟.
     *  فعلاً سؤال يفتح الجروح المتقيحة,  وذلك للأسباب التالية: 
         أولا : حين تحول اسمي الى مجرد رقم ( 107) بدلاً من الاسم الذي أحمله هيثم، حينها أحسست بداخلي أنني أعيش في بلد بات بمثابة عدواً لي.

         ثانيا: حين سحبت مرةّ من قبري، وهو عبارة عن زنزانة عرضها 90 سم وطولها 190 وارتفاعها 190 ووضعوا عصابة جلد على وجهي وسلك قذر بطريقة لايمكن وصفها، وجرجروني ككلب أجرب والظلام يلف المكان بسبب فصل الكهرباء،  وخلال سحبي كنت أشم رائحة جثث الأموات، الأمر الذي زاد من رعبي وخوفي وقلقي من المصير الذي ينتظرني، لكن حين نقلت الى المهاجع اكتشفت أن رائحة الجثث هذه ماهي في الحقيقة سوى  رائحة أجسادنا المكدسة بسبب الازدحام الذي لا يوصف. حيث كنا 100 رجل في مساحة 32 متراً مربعاً.

        وحين كنت مُجرٌ في الظلام المطبق, نقلت فجأة إلى مكان أبهر النور عيوني, نور لايمكن تخيله, خاصة حين رفع السلك عن وجهي، وبقيت ” الطماشة “، شعرت حينها أن ظهري قص، لأنني ظننت أن هذا الأسلوب من التعذيب سيقتلني، حاول الجلاد دفعي، لكن ردتَ فعلي  في التمسك بالحياة جعلتني أقاوم بشدة، خلال هذه اللحظات كان قد مر وقت ليس بقليل، اكتشفت حينها أن هذا الضوء الشديد البمهر ماهو في الحقيقة سوى نور الشمس المتسلل من نافذة غرفة التحقيق.

 

        رابعا: حفلة التعذيب وكيفية التعامل مع المعتقلين شيء لا يوصف، حين ضربني سيء الذكر هشام بختيار بكعب سباطه، قائلاً :  الدولة تطعمك وتسقيك وتعلمك وتوظفك وتقف ضدها؟, فكان جوابي على ماقاله: هل أنا أجنبي ..؟  فما كان منه إلا أن انهال على رأسي ضربا بوحشية قذرة لئيمة، وكنت حينها مكلبشاً لا أقوى على الحراك و أصطدم رأسي بالكرسي, فنزعت ” الطماشة ” عن عيني، فلمحت وجهاّ لإنسان لايمكن وصفه سوى بالمتوحش. ولم يستوعب انني رأيته. وقرأت الجبن في عينيه. فجن جنونه ولم  يدرك كيف يعذبني، ولم أعد أرى شيئاً، وبعد برهة مرت كأنها سنين صحوت وإذ انا موجود في زنزانتي والدماء تنز من فمي وأصابعي وظهري، حينها قلت لنفسي: هل نحن سوريون حقاً..؟ .
5- يعود اهتمامك بالموسيقى إلى مطلع الشباب بعيداً عن السياسية، برأيك ما الذي دفع بالنظام إلى اعتقالك ..؟ .

    *  الاستبداد لا يفهم ماذا تعني المواهب، و لا يعنيه الفن. كل ما يفهمه هو طاعته أو تكن حليفه؛ الاستبداد همه قتل القيم الجمالية بداخلك، حتى يبقى وعيك بالحضيض،  وأمة غاب عنها التذوق الجمالي غابت عنها قيم الحرية الفردية والمؤطرة بمجتمع يحميها . ومع الأسف نخبنا السورية وخاصة السلطوية ساهمت بشكل فعال لتمييع وقتل قيم هذه الحرية داخل الإنسان السوري.
6- ما الذي دفع بأجهزة أمن النظام إلى اعتقالك، رغم معرفتهم المسبقة إنك خارج تنظيم حزب البعث الديمقراطي ..؟ .

   *   لا يهم حينها، إذ كان النظام يعتقل أي فرد أن يكون فاعلا في محيطه السياسي، ولو كان هذا الفرد خارج التنظيم الذي كان ينتمي له سابقاً. 
7- كيف استدركت غياب الأدوات الموسيقية داخل المعتقلات ….؟. 
   *   أول ما تبادر إلى ذهني هي عبوة البلاستك التي لفتت انتباهي في فرع التحقيق العسكري, وكان السؤال مفاده كيف يمكنني أن أجعل هذه القطعة البلاستيكية التي صارت بين أيدينا أن تنطق نغماً؟ وكان الجواب عند الرفاق بما أننا كنا نتبادل الأفكار فيما بيننا بمودة واحترام قالوا : عليك بجواربنا النايلون, وفعلاً صنعنا من تلك الجوارب أوتاراً  وثبتناها على تلك القطعة، وحصلنا بذلك على آلة موسيقية بدائية.وتابعت هذه التجربة بصيدنابا وكانت تجربة غنية, حيث استطعنا ومع التقادم وتوفر بعض الأدوات المعدنية من مبرد الى شفرات وبراية أقلام الرصاص قمنا بتصنيع أعواد حقيقية . وصرت أتعلم وأعلم الرفاق العزف على العود وأقمنا الحفلات . وبات الكثير من الشباب متحمس لتعلم العزف على العود، وقد شجع ودعم هذه التجربة الكثير من الشباب أمثال المفكر المرحوم عبد الكريم الشيحاوي, والكاتب المتميز حقيقة والمخرج غسان جباعي الذي صنعَ  من الشباب ليصبحوا ممثلين وأنا منهم . وأخرج مسرحية العنبر رقم 6 لأنطوان تشيخوف. وقمت أنا بتلحين أغنية هذا العمل . واذكر حينها قلت ياغسان أنا لست ممثلاً. ولكن بعد عدة بروفات قال لي : أنت موتسيكا ( إحدى شخصيات المسرحية). وفعلا حين أتقنت الدور بعد عذاب مضني، صرخ المخرج موتسيكا.

8- هل أسس ذاك الحراك السياسي الذي كنت منخرطاً به، لانتفاضة الشعب السوري في عام 2011، وكيف ..؟

    *  كفعل مباشر لا أعتقد، ولكن مع كل سلبياتنا كان ذاك الحراك أول حراك أخاف النظام لأن له بعد تنظيمي, وكما قلت لرفاقي عندما جمعونا في سجن صيدنايا، نحن اللبنة الأول في مستقبل سورية السياسي بالقاع.
9- لماذا لم يكن هناك دور واضح للقوى السياسية في الحراك الشعبي الذي انطلق من درعا ..؟ .

    *  هذا السؤال يتطلب مجلد وبالمختصر: 
 1- على صعيد الذاتي : المكونات الاقتصادية السورية لم تنتج تشكيلاتها السياسية سواءاً كانت أحزاباً أو جمعيات أو حتى أندية، وخاصة النخب الشامية الاقتصادية، اقتصر دورها وفعلها في إطار كيف تجمع وتكدس المزيد من الأموال،  ومن غير المهم من هو الحاكم أو طبيعة حكمه، وكذلك النخب العلمية الثقافية والفكرية، إما أنها كانت متحالفة مع النظام بشكل واضح ومباشر أو كانت مستفيدة وخائفة فتكتب مايريده السلطان، أو نخب هاجرت فانفصلت عن واقعها.

2-  أما على الصعيد العام: كان القمع المركز وغير المسبوق من قبل نظام الاستبداد, مثله مثل أي نظام استبدادي في العالم جعل من الخوف وسيلة مشروعة لدى المواطن للحفاظ على حياته، فرضي هذا المواطن بهذه العيشة، حتى صار الذل جزءاّ من حياته اليومية.   
10- ما التقلبات التي مررت بها والمفارقات التي وجدتها أو حدثت معك خلال مسيرة حياتك …؟ .

   *  الاستبداد يجعل حياتك على وتيرة واحدة كباقي أطياف الشعب، لكن على الصعيد الشخصي تمكنت وبجهد فردي من تحقيق طموحي في إنجاز شيء ما في علم الموسيقى, رغم وجود السوط فوق رأسي, وأنا في السجن أنجزت المرحلة المهمة من الدراسة الموسيقية، وحين خروجي أكملت الدراسة بشكل ذاتي وبدأت بإعطاء دروس موسيقية في الغناء، وكذلك في مجال فن الإلقاء الإذاعي والتلفزيوني، ما ساعد ذلك في تأمين لقمة عيشي، بما أن النظام حرمني من أي وظيفة ومنع عودتي الى وظيفتي السابقة, بحيث بت محروماً من حقوقي المدنية والسياسية، في حين أن طلابي الذين أشرفت على تدريسهم، تخرجوا  وأصبحوا أساتذة في مدارس ومعاهد البلد…. وآخ يا بلد…!؟.
11- ما الرسالة التي أراد النظام ايصالها إلى الشعب السوري، من خلال اعتقالكم ككوادر أحزاب وتيارات سياسية مختلفة في حينه …؟ . 
     *   أنا ربكم فأعبدوني، ومن يساوره للحظة مخالفة قيمي الرثة والبشعة، أو من يحاول أن يكون حراّ لا عبداً مآله الموت أو التغييب. قالها بشار بالفم الملأن : أنا او أحرق البلد ( الأسد أو نحرق البلد) وقد طبق زبائنية النظام هذا الشعار بحرفيته، وها هو البلد…. قد احترق.
12- ما الذي دفعك لمغادرة الوطن إثر الاعتقالات التي تعرضت لها مع بدء الحراك الثوري،  وامتدت لأشهر ثلاثة، في حين لم تتركه بعد اعتقال استمر لتسع سنوات وبضعة أشهر ..؟ . 

     *   لم أعد أستطيع تحمل الاعتقالات المستمرة خلال الثورة، لقد اعتقلت فقط لأنني نسخت صورة بيان لهيئة التنسيق, رغم أنها منضوية تحت جناح النظام، لم أكن أذكر عند اعتقالي إن كنت أنا من قام بنسخها أم لا،  وقلت ذلك في التحقيق، لكن المستبد يبقى خائف وجبان حتى من خياله،  إضافة إلى عدم وجود إطار مجتمعي يحميني. فكان طلبي للأمم المتحدة في بيروت، وقبل الطلب وغادرت بلدي أحمل شجوني وأحزاني على كتفي. 
13- كيف ترى مستقبل سورية بعد سنوات ست من الحراك الثوري ضد نظام استبدادي ديكتاتوري، لم يترك سلاحاً إلا واستخدمه لإنهاء هذا الحراك …؟ . 
   *   بكل أسف عبر التاريخ لم تكن سورية لأبنائها إنها بوابة طريق الحرير، إنها بلاد الثغور، إما أن تستقر بحكم قوي كما حكمها الرومان، أو كما حكمها العرب المسلمون خلال الفترة الأموية، أو تحكم بتوافق دولي، ينهي هذا الصراع، وبرأي هذا الذي سيحدث.
14- ما الكلمة التي تود توجيهها للشعب السوري الثائر وأنت بعيداً عن أرض الوطن …؟ . 
      *  الإيجابية السياسية لهذه الثورة العفوية والعميقة. كشفت كل العفن المحلي والإقليمي وحتى الدولي وأوضحت أن الكل سيموت على هذه الأرض، ومع التقادم ستنتج هذه الثورة العفوية النخب السورية الحقيقية.  

 

 

                                                                                   الصحفي غياث كنعو

شاهد أيضاً

عن الاصطفاف الأميركي- الأوروبي مع إسرائيل

خطار أبودياب شكلت مفاجأة تخطي جدار غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منعطفا في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *