الثورة السورية تكشف زيف قادة العالم الحر.. والكورونا تعريهم ..

 

أيام قلائل كانت كافية لتفرض على ما يسمى بقادة العالم الحر أن يقفوا على رجل واحدة، ويتعروا أمام شعوبهم من خلال تصريحات وقرارات متضاربة بين الغرب والشرق، أثبتت من دون أدنى شك كما لو أن العالم ذاهب إلى المجهول، وهو ما ولد حالة من القلق والحيرة وزرع الخوف والرعب في النفوس، طارحاً السؤال الجوهري والأبرز ومفاده، إلى أين …؟؟.
منذ 27 الشهر الفائت، وما أن إعلنت الصين عن فيروس جديد أصاب سكان مدينة ووهان سابع أكثر المدن الصينية اكتظاظاً بالسكان، وواحدة من تسع مدن وطنية مركزية في الصين، عرفه الأطباء الصينيون بإسم “كورونا كوفيد19″؛ كان هذا الخبر كافياً لتستنفر آلة الإعلام العالمي، كما لو القيامة الربانية المنتظرة قد حلت، أو اقترب موعد حلولها، ولم يعد للعالم شغل شاغل سوى كورونا، بحيث حرك هذا الإعلام جيوشه، فقط من أجل القيام بنقل ما يصله من إحصاء يومي لعدد الإصابات في الصين ومن بعدها جارتها كوريا الجنوبية، ومن ثم إحصاء بالساعات والدقائق..
وفي حين بدأت الصين تخوض معركتها في سباق مع الزمن، للحد من انتشاره واحتواءه والسيطرة عليه والتقليل من حجم خسائره البشرية، كان ما يسمى بالعالم الحر في النصف الآخر من كرتنا الأرضية يسترق السمع متابعاً ومشاهداً لما يجري وسيجري هناك على الجهة الشرقية من كوكبنا، من دون أن يحرك ساكناً، كم لو أنه يراقب متشفياً بما ستفعله الصين التي طالما تسعى بحسب زعم هؤلاء القادة لفرض نفسها كقطب منافس يقود العالم، ليس عسكرياً، بل على الأقل اقتصادياً وتكنولوجياً، وحانت الفرصة للغرب العملاق أن يقتنص الفرصة لينتقم منها؛ إلا أن المفاجئة التي حلت كالصاعقة على قادة العالم الحر هؤلاء، هي أن الصين وفي أقل من إسبوعين أعلنت قدرتها على الحد من انتشاره والسيطرة عليه، حيث زار الرئيس الصيني مدينة ووهان من دون حتى استخدام الكمامة العازلة، وانتشرت فيديوهات تتحدث بأدق التفاصيل عما أتخذته الصين من إجراءات ساهمت في السيطرة على هذا الفيروس من السرعة في بناء المستشفيات إلى استخدام الروبرتات في عملية حدت ومنعت المزيد من الاحتكاك البشري، حيث حل الروبورت الآلي محل الطبيب والممرض.

ما يهمنا في كل ماسبق، هو فضح الموقف اللاأخلاقي واللاإنساني لمن يسمون بقادة العالم الحر، تجاه بلد أقل ما يمكن قوله أنه يتشارك على الأقل في العيش المشترك معهم على الكوكب الأرضي، كان ينبغي أبسط ما يمكن القيام به هو إبداء التضامن والاستعداد لتقديم ما يمكن تقديمه من مساعدات مختلفة، بدلاً من الوقوف مكتوفي الأيدي، بإنتظار ما ستؤول إليه الأمور هناك، إلا أن الفضيحة المجلجة والتي عرت هؤلاء القادة هو انتشار هذا الوباء بحسب وصف منظمة الصحة العالمية له، وانتقاله إلى قلب الغرب ذاته، ليكشف عن وضع مأساوي مترهل عجز خلاله قادته في التعامل مع الضيف الثقيل الجديد، ما دفع بزعيم العالم الحر ونعني بذلك الرئيس الأميركي إلى أن يوزع التهم ويتخبط بالتصريحات تجاه الصين، لدرجة دفعت ببعض المحللين إلى الاعتقاد أن هذا الجنون قد يقوده إلى توجيه ضربة محدودة إلى الصين التي عجز أمامها تكنولوجياً واقتصادياً على الأقل، كعالم يزعم تفوقه الحضاري وتقدمه التكنولوجي، في حين كان يفترض فيه الدعوة إلى لم الشمل العالمي من أجل مزيد من التعاون والتنسيق أمام ما يهدد البشرية ووجودها.

وإن كان قادة العالم الحر تعروا أمام هذا الظرف الأستثنائي الطارئ في غفلة من الزمن مباغتة للجميع، ولكن الصين وقادتها لم تكن أفضل حالاً من هؤلاء القادة، في موقفهم تجاه الثورة السورية التي دخلت عامها العاشر، فقادة العالم الحر ومعهم العديد من قادة دول أجمع، بمافي ذلك القادة الصينيين، وما كاد يمضي الشهر الأول منذ الإعلان عن فيروس كورونا الذي لم تخسر البشرية بسببه سوى 14،611 عند لحظة إعداد هذه السطور، وهو ما يستدعي أسفنا الشديد وتعاطفنا العميق، إلا أنهم، استنفروا وهاجوا وماجوا، وتحركت ماكينتهم الإعلامية لتبث الرعب والهلع في النفس البشرية، في الوقت الذي قتل فيه فيروس الأسد أكثر من مليون مواطن سوري وحول أكثر من 13 مليوناً إلى مشرد ومهجر ونازح ولاجئ، وأعتقل زهاء 400 ألف أغلبهم بحكم المتوفين والمغيبين قسرياً، ودمر بلدا بإكمله، ومع كل ذلك لايزال أولئك القادة يتعاملون مع هذا الفيروس على الأقل في منظمتهم ( منظمة الأمم المتحدة) التي يزعمون أنها منظمة لحفظ الأمن والسلام الدوليين.. أي أمن وأي سلام هذا في ظل فيروس كفيروس الأسد الذي فتك بالملايين وأقلق المنطقة والعالم ولايزال …
أي انحدار أخلاقي نعيشيه اليوم في ظل هكذا قادة لعالم يزعم أنه حر .. إنه إفلاس أخلاقي مزمن ينقلب من خلاله السحر على الساحر، والمكر على الماكر .. شاهت الوجوه..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *