حقل الدرة: هل من تهديد إيراني باحتلال الكويت فيما إذا تَمّ إسقاط الأسد؟

كتب د. باسل معرواي لـ”سوريتنا”

يرجع الخلاف الكويتي الإيراني بخصوص حقل “الدرة” إلى ستينيات القرن الماضي ، قبل وصول نظام ولاية الفقيه للسلطة بعقدين من الزمن وهو كإحدى نقاط الخلاف الحدودية المزمنة في المنطقة، حيث لم يتم ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران حينها، ويبدو أنّ أي تحكيم دولي سيكون في مصلحة الكويت، لذلك تريد إيران إبقاء قضية الحقل معلقة ورقة بيدها للضغط بها عند الحاجة….وفي عام 2019 وبعد بروز الغاز كسلعة استراتيجية هامة ومطلوبة ..وفي ذروة الخلاف السعودي الإيراني قامت الكويت والسعودية بترسيم الحدود البحرية بينهما بشكل أتاح حصة سعودية بالحقل كون جزء منه يقع بالجرف البحري السعودي واعتبر البلدان العربيان أنّ ملكية الحقل مشتركة بينهما ولاعلاقة لإيران ( الرافضة للمفاوضات السياسية والتحكيم القانوني الدولي ) به.
ونظراً لأهمية الكويت للولايات المتحدة واعتبارها خطاً أحمراً ..ليس الآن بل من أيام غزو الرئيس العراقي الراحل لها تحت حجة الخلاف حول حقل الرميلة وبالطبع لاتُشكّل تلك الحقول إلا ذريعة لأهداف سياسية أكبر وأبعد من ذلك…فكل الدول المتشاطئة في تلك البقعة من أكبر منتجي ومصدري الطاقة في العالم


رَدّ الكويتيون ردّاً حازماً على الموقف الإيراني بإعلان القرب عن موعد بدء أعمال الحفر والتنقيب مع التأكيد أنّ إيران شريك رئيسي بالحقل وهو حق سيادي لها…فيما لم يتأخر بيان قوي عن الخارجية السعودية بالتأكيد أنّ حقل الدرة هو ملكية سعودية كويتية مشتركة لهما فقط ولا يوجد شريك آخر لهما فيه….
نُذُر الخلافات السعودية الإيرانية باتت تلوح بالافق بعد أقلّ من أربعة أشهر على توقيع إتفاق التهدئة والتعاون بينهما وبعد أن قطعت العلاقات الدبلوماسية بينها شوطاً مهماً بإفتتاح السفارة الإيرانية في الرياض وقرب إفتتاح سفارة سعودية في طهران …مع إيفاء السعودية بإلتزاماتها بالاتفاق ( الذي لم تُنشر بنوده للعلن ) ..حيث فَسّر معظم المراقبين أنّ عملية المصالحة السعودية السريعة مع نظام الأسد وعودته لشغل مقعد سورية بالجامعة العربية ..بل ليس ذلك فحسب وإنما بإستضافة بشار الاسد شخصياً ولقائه الحار مع ولي العهد السعودي واحتضان الأمير محمد لبشار الأسد بعد كل ماجرى وقيل بينهما ….
كان من الواضح أنّ مقايضة الهدوء على الجبهة اليمنية بتعويم الأسد قد تمّت بنجاح …وتََدلّ على تفاهم عميق ببرنامج زمني لحلحلة الخلافات بين البلدين
ومن المعروف أنّ إنجاز التفاهم السعودي الإيراني في بكين وبرعاية صينية هو انعطاف هام لكلا البلدين، وسابقة بينهما، حيث إرتأيا تبريد ملفات الخلاف بينهما والضغط كل منهما بطريقته ولأسبابهما الخاصة على الولايات المتحدة الأميركية.ومن المتوقع أن يصمد لفترة تنجلي فيها الصراعات الدولية الكبرى عن تموضعات جيو استراتيجية جديدة حيث قد يفترقا بعد ذلك..
ومايرشح من المحادثات غير المباشرة التي تقودها سلطنة عُمان بين الولايات المتحدة وإيران بأنّ أي تفاهم أميركي إيراني على توقيع إتفاق نووي مؤقت مقابل الإفراج عن بعض الأرصدة الإيرانية المجمدة وعدم الذهاب في شهر تشرين أول القادم إلى مجلس الأمن وإقرار العودة لآلية عقوبات دولية ( سناب باك ) …ولكن هذا الاتفاق( فيما لو تمّ) فإن الأميركان لم يوافقوا على إدراج بند أو توافق على عدم إسقاط الأسد ….في ضوء إصرار أميركي على عدم الربط بين الأمرين
وإزاء الموقف الأميركي الدبلوماسي والسياسي المتصاعد برفض التطبيع مع الأسد وربط اسمه بتجارة المخدرات( الكبتاغون) وفق قانون خاص تحت مسمى قانون كبتاغون الأسد، مع صدور تعليمات تنفيذية للقانون مؤخراً…وقوانين أخرى على طريق الصدور قريباً تتعلق بمناهضة التطبيع مع الأسد وعزله…ومع عدم استجابة الولايات المتحدة لوساطات عربية بتخفيف بعض العقوبات الاقتصادية عنه أو غضّ النظر عنها وعدم تضمين خطة محاربة كبتاغون الأسد اي إجراءات عُنفية تطاله شخصياً أو المقربين منه أو قصف لمراكز إنتاج الحبوب المخدرة ..ولخوف إيران من تصريحات وزير الخارجية الأميركي الأخيرة في الرياض اثناء حضوره مؤتمر مكافحة الإرهاب في سورية والنية بتوسيعه عددياً وتوسيع مهامه وتاييد الدول العربية المنضوية في ذلك التحالف كل الإجراءات التي تقوم بها الولايات المتحدة بهذا الشأن ……
وبوجود تسريبات عن نوايا وخطط لإنشاء حزام سني عربي عشائري في المنطقة الشرقية السورية المحاذية للحدود العراقية تبدأ من التنف جنوباً إلى المالكية شمالاً قاطعةً بذلك الإنتشار معبر البو كمال الاستراتيجي الرابط بين الميليشيا الإيرانية في العراق وإيران مع الميليشيا الإيرانية في سورية ولبنان ..وبذلك يتمّ شطر الهلال الشيعي الى شطرين بغية إضعافه وشلّ قدرة الحرس الثوري على القيام بمعركة واحدة بعدة جبهات ضمن مايُعرف بخطة وحدة الجبهات أو وحدة الساحات …وبالطبع سيفيد ذلك دولة الإحتلال الإسرائيلي….
و بالوقت نفسه سَيُضعف كثيراً من نظام الأسد حيث يتم قطع طريق الإمداد الحيوي القادم من الشرق…
ليست المخاوف الإيرانية مَبنية على هواجس وتخمينات، بل على تحركات أميركية غير مسبوقة تجري على الأرض حيث تمّ نشر مقاتلات F22 في الأردن وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية..وتم إحضار منظومات أسلحة حديثة وبكميات كبيرة إلى شرق الفرات منها عربات “برادلي” ومنظومات “هايمرس” وغيرهما…مع تحركات على الأرض بتنفيذ تدريبات نوعية مع جيش سورية الحرة في منطقة التنف وتجميع قوى لعشائر عربية في الجزيرة السورية وتدريبها وإعادة تفعيل بعضها كلواء ثوار الرقة وقوات الصناديد وإعادة هيكلة في مجلس دير الزور العسكري…وبالطبع تحظى كل تلك التحركات بمباركة عربية ورضى غربي..
ومعروف تصريح لأحد أهمّ قادة وركائز نظام ولاية الفقيه والذي ادلى به في 2012 وهو يُفصح عن النوايا الإيرانية ..حيث يقول لاريجاني فيه وكان وقتها رئيساً لمجلس الشورى والآن هو مستشاراً للمرشد…بأنّ أي محاولة لإسقاط حكم الأسد سَتردّ عليه إيران بضرب مؤلم تحت الحزام بإحتلال الكويت ….في حافة هاوية خطيرة…
والسؤال الآن هل إستشعر الإيرانيون خطراً مُحدقاً بعميلهم في دمشق وأرادوا التذكير بتهديدهم السابق عبر إفتعال توتر مع الكويت بقضية حقل الدرة؟؟ سؤال لن تتأخر الإجابة عليه طويلاً لأنّ إخراج القوات الإيرانية والقواعد الروسية من سورية هدف إستراتيجي غربي..

شاهد أيضاً

عن الاصطفاف الأميركي- الأوروبي مع إسرائيل

خطار أبودياب شكلت مفاجأة تخطي جدار غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منعطفا في …

تعليق واحد

  1. المقال مفيد جداً لفهم موضوع حقل الدرة .
    لابد من القول أن كل مايجري من تطاول إيراني في المنطقة ، ماهو إلا من ارتدادات الموقف الأمريكي الأوبامي في الملف السوري ومتعلقاته مع دول الخليج والسعودية …، وصولاً إلى أن إيران صارت تهدد المحيط من أجل بقاء الأسد ونظامه المرتبط بها .
    ترى هل سيكون للصين دور جديد في تجاوز هذا الخلاف المتصاعد حول حقل الدرّة ؟
    أم ستعود معالجة هكذا ملف خارجياً إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *