إستحالة التطبيع الحقيقي مع نظام الأسد

كتب د. باسل معرواي لـ”سوريتنا”

إرتكب نظام الأسد من الجرائم ما يجعل إستعادته للشرعية أمراً شبه مستحيل…وكان في قرارة نفسه يُدرك ذلك ولكن لم يكن أمامه سبيل للبقاء في السلطة إلا فعل ذلك.
وتمّ توثيق تلك الجرائم دولياً وبالذات أميركياً بداية عبر قوننة السياسة الأميركية إتجاه نظام الأسد بدءاً من قانون قيصر ..والذي لايدع مجالاً لأي إدارة أميركية بالتراجع عنه….أيضا يوجد العديد من التقارير الأممية الموثّقة التي تُشير إلى مسؤولية نظام الأسد عن إرتكابه لعشرات الهجمات الكيميائية ضد المدنيين…إضافةً لرفع دعاوى قضائية ضد رموز نظامه أمام عدد من المحاكم الدولية وآخرها من نشر من يومين عن رفع كل من هولندا وكندا دعاوى أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن ممارساته التعذيب بحق المعتقلين وجرائم أخرى ضد الإنسانية، في خرقاً واضح لجميع الشرائع والقوانين الدولية.
وبالطبع يمكن ربط كل ذلك بالتركيز على نشاطات الإرهابية لنظام الأسد مؤخراً، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا ..بسبب الوصول أولاً لشيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر مما هو مُشيّطن الآن لإقناع الشعوب الغربية بجدوى الدفاع عن أوكرانيا في وجه الغزو الروسي لها…وثانياً لإدانة الرئيس الروسي بتحميله قضائياً إحدى التهم خاصة أنه بعد عام 2015، أصبح هو صاحب القرار العسكري الأول في الحرب السورية
ولا تستطيع المجموعة الغربية أن تتهاون بمبدأ محاسبة المجرمين في سورية لأنّ ذلك يُشكّل سابقة قد تتكرر في روسيا أيضاً…
والمشهد السوري تحكمه دولياً ثنائية نظام حاكم ومعارضة وقرارات دولية تَرسم المستقبل السوري …وتكتب الأمم المتحدة دستوراً للدولة السورية بمعنى أنّ نظام الأسد لايُمثّل قانونياً وشرعياً الشعب السوري وهو نظام منقوص السيادة …وبالطبع لايجري ذلك مع الأنظمة الطبيعية للدول
ونعلم مدى رهبة قانون قيصر بالنسبة للدول والخوف من إختراقه..حيث لم تجرؤ أيّ دولة على تحديه علناً…وآخرها فشل مشروع نقل الغاز الإسرائيلي بالخط العربي من مصر إلى الأردن ومنها عبوره عبر الأراضي التي يُسيطر عليها نظام الأسد وصولاً إلى لبنان…وتلك محاولة فاشلة قامت بها مجموعة من الدول لمساعدة نظام الأسد على تجاوز عقوبات قانون قيصر حيث يملك لبنان خيارات أسهل وأقلّ كلفةً لمعالجة موضوع نقص الطاقة الكهربائية…ومع ذلك لم تعطِ إدارة بايدن الحكومة المصرية أيّ تعهّد خطي بإستثناء من العقوبات..
أيضا لم تُفلح كل مناشدات الملك الأردني وجولاته بين واشنطن وموسكو في الوصول لصيغة لتخفيف العقوبات
وبما أنه كان لقانون قيصر بعداً سورياً فقط، فقد اتبعه الكونغرس الأميركي بسَنّ قانون جديد، وهو قانون كبتاغون الأسد، الذي وافقت عليه الإدارة، ويجري دراسة تنفيذ الإجراءات على الأرض بمشاركة كل الأجهزة الأميركية الأمنية والعسكرية والمالية المختصة…وهو قانون للدولة الأميركية وعَرّف بمقدمته أنّ قيام نظام الأسد بتصنيع وتهريب حبوب الكبتاغون ذو أبعاد خطيرة على الأمن القومي الإقليمي والدولي..وبذلك يختلف عن قانون قيصر الذي كان ذو توجهات سورية محضة….
وحديثاً يتم العمل على قانون مناهضة التطبيع مع الأسد وقطع أولى مراحلة بمجلس النواب والمتوقع صدوره رسمياً قريباً، وذلك لفرض عقوبات صارمة بحق الدول المطبعة…ويتضمن في ثناياه فقرة تُتيح تمديد قانون قيصر لعام 2033..حيث ينتهي القانون رسمياً بعام 2025
وتُطلّ علينا يومياً تصريحات غربية (أميركية وأوروبية) تنتقد الهرولة العربية والتركية للتطبيع العلاقات مع نظام الأسد وضرورة أن يتمّ الإلتزام بقبول النظام بالحل السياسي الأممي قبل الشروع بإجراء أي إتصال معه
ولازالت اللاءات الغربية الثلاثة لا لإعادة التطبيع…لا لرفع العقوبات لا لإعادة الإعمار..عناوين ثابتة للسياسات الغربية …
أمّا بشان التطبيع العربي فإنه سيبقى أجوفاً وفارغاً من أي محتوى حقيقي..نظراً لعدم تمكّن الدول العربية الراغبة بمساعدة الأسد مالياً بمخالفة القوانين الغربية …حتى إنّ الأسد لايستطيع إعطاءهم أي حوافز أو مبررات لأنه لم ولن يلتزم بأي وعد أو خطوة قيل إنه تعهد بها لهم…
والبعض يضع إعادة الأسد لجامعة الدول العربية كأحد عناوين تردي العلاقات الأميركية العربية والرغبة بتبريد الأجواء مع إيران لتلافي شرور الأذرع الإيرانية بأي صدام عسكري محتمل بالمنطقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من جهة ثانية..
وبغض النظر عن جرائم الأسد بحق الإنسانية ..فإن المحور الغربي قد يكون أخذ قراره بإزالة الأسد من المستقبل السوري كونه أحد الأذرع البوتينية الواجب بترها (قبل أو بعد) إسقاط الرئيس الروسي..ولكونه ثانياً أحد أذرع الحرس الثوري الإيراني حيث تُشكّل سورية درة التاج في محور إيران الإقليمي.

شاهد أيضاً

ما مصلحة السعودية من التطبيع مع إسرائيل؟

أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *