الهجرة المعاكسة من السويد

د. ممتاز الشيخ

ازدادات في الآونة الأخيرة الأخبار المفجعة من بلدان سقف العالم المتحضر لجهة سطوة دائرة الشؤون الاجتماعية فيها المعروفة باسم (السوسيال) على الأطفال تحت ذريعة حمايتهم من العنف المنزلي.

وعلى الرغم من  أن قضية سحب أطفال من ذويهم في السويد بحجة إنقاذهم من  “التعنيف” ليست وليدة اللحظة، لكن القضية قاربت، بحسب مراقبين إلى الانفجار بعد تكرار شكاوى متواترة من اللاجئين والمهاجرين في المبالغة بحجم العنف المستخدم ومن تحوير الأسباب بهدف تكثيف عمليات سحب الأطفال من ذويهم بلا مبررات كافية.

ويمنح القانون السويدي المتعلق برعاية القصر (تحت 18 عاما) مؤسسة الخدمات الاجتماعية المعروفة باسم “سوسيال”، الحق في انتزاع الأطفال من ذويهم إذا أثبتت التحقيقات أنهم غير مؤهلين لتربيتهم، ويرتكبون تجاوزات ضدهم، ومن ثم إيداعهم مؤسسة للرعاية الاجتماعية لحين نقلهم إلى عائلة جديدة.

وقد يمنح القانون المؤسسة المعروفة باسم الـ “سوسيال” سحب جميع أطفال العائلة، إفيما لو ارتأت تلك المنظمة تعرض أحدهم لظروف تعتبرها غير ملائمة ضمن الإطار العائلي مثل عدم القدرة على إعطاء الطفل ما يحتاج إليه من أساسيات.

هذا حديث قد يبدو مقبولا في ظاهره، لكن قضايا الفساد داخل منظمة السوسيال وتهويل حوادث العنف ضد الأطفال جعل من الغاية الإنسانية النبيلة في الحفاظ على الأطفال تقترب من الجريمة بحق الابناء والآباء بىن واحد بعد ملاحظة عدم وجود المبررات الكافية للمضي في تجسيد القانون.

وراجت في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا الكثير من المواد المصورة لآباء وامهات اشتكوا من  عسف القانون وتوجيهه إلى غير مقاصده الخيرية المعروفة، وصرخت أم عراقية عبر اليوتيوب قائلة بما معناه أن ابنتي بعد سحبها من قبل السوسيال صارت “عاهرة” ولم أعد أشعر باي ارتباط يربطني بها بعد اقتلاعها مني لعدة سنوات.

وصرخ بحزن وحرقة الاب اللاجئ السوري طلال دياب تفاعلا واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي كما أحدثت غضباً وضجةً كبيرة في صفوف المهاجرين في السويد وصل صداها إلى الإعلام السويدي.

ولاقت في بداية العام الحالي 2022 قضية الأب السوري دياب طلال رواجا ملحوظا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره في مقطع فيديو مصور يشكو فيه مما اعتبره حرمانه من أطفاله من قبل السوسيال السويدي ومتهما إياه بخطفهم منه جورا وبهتانا .

واشارت بعض التحقيقات والدراسات من أن السوسيال متهم اليوم بتحويل الأمر من مقاصده الإنسانية إلى ما يشبه التجارة خاصة وأن عدم سحب عدد كاف من الأولاد قد يعرض السوسيال والمنظمات المختصة إلى عدم التمويل وفقدان موظفي السوسيال إلى وظائفهم، ما يقتضي خلق مبررات كافية لبقائهم في مهنتهم، ومن جهة أخرى فالدولة في السويد  تدفع للأسر السويدية مبالغ كبيرة نظير استضافتهم الأطفال، تصل في بعض الأحيان إلى 7 آلاف دولار شهريا على الطفل الواحد، ويزيد الرقم إذا استطاعت الأسرة إثبات أن الطفل يعاني من أمراض نفسية تحتاج إلى علاج أو أعراض توحد، أموال يستفيد منها أيضا المسؤولون الذين من المفترض أنهم يوكلون مهمة الاحتضان إلى هذه الأسر، والأمر في مثل هذه الحالة يشجع موظفي السوسيال على زيادة عملهم عبر سحب الأطفال من العائلات المهاجرة نظرا لعدم قدرة الأخيرة عن الدفاع عن أنفسهم بسبب هشاشتهم لجهة اللغة أو معرفة القوانين.

وتشير المعلومات الرسمية أن السوسيال السويدي يسحب سنويا 20,000 طفل كل عام في إطار الرعاية الجزئية أو الكلية  

وكانت إحدى الحقوقيات اللاتي عملت كمنسقة في مجموعة “Barnens rättigheter” لحقوق الأطفال قد صرخت في وقت سابق من هذا العام بأن هناك خروقات واضحة ، وإأن المسؤولين ينتفعون من تسليم الأطفال إلى أسر محتضنة.

من المهم جدا الحفاظ على الأطفال وحمايتهم من أي أذى قد يصيبهم حتى لو كان من قبل ذويهم، ويجب ان يسعى جميعنا لتشجيع النشاطات التي تحد من انتهاك أكثر شريحة ضعفا وهشاشة وخاصة الأظفالن إلا أن التاطبيق الجائر للقانون يجعل من الغايات النبيلة أفعالا تسيء للمجتمع وللغنسانية بشكل عام.

ونظرا لأهمية القضية فقد أصدرَ دكتور علم النفس المصري «نافذ الشاعر» مؤخرًا، ترجمته العربية لكتاب «تجارة الأطفال المربحة»، والذي ألفه باللغتين السويدية والإنجليزية الدكتور السويدي «أوفه سفيدين» في العام 2013.

ويُعد الكتاب من أهم الكُتب في قضية اختطاف الأطفال في السويد من قبل دائرة الشؤون الإجتماعية السويدية المعروفة باسم «السوسيال».

وكانَ «أوفه سفيدين» شخصيًا شاهدًا في ثلاثين حالة اختطاف أطفال من ذويهم في سبع بلديات سويدية لمدة 17 عامًا، وبحوزته كذلك جميع المعلومات التي تدين السوسيال السويدي وجهاز الشرطة والقضاة والمحاميين والأطباء.

رابط الكتاب باللغة العربية PDF

رابط الكتاب باللغة الإنجليزية أمازون

شاهد أيضاً

بالصور: أكبر المظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة

اسطنبول لندن لندن مصر المغرب فرنسا اسبانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *