اللجنة الدستورية ..القاضي جمعة الدبيس: مسار هزيل للتسويف والمرواغة (ج1-3)








أعد الملف غياث كنعو

قبيل انعقاد الجولة السادسة لما يسمى بـ”اللجنة الدستورية” أو ما بات يعرف بـ” لجنة سوتشي” المعنية كما يزعمون بصياغة دستور جديد لـ ” سورية”، يوم الأثنين 18 / 10 / 2021، بعد خمس جولات فاشلة حسب رأي العديد من السياسيين والقانونيين السوريين، منذ الإعلان عن تشكيلها بما يقارب الأكثر من سنتين في 23 إيلول 2019، إذ أجمع الغالبية على أن هذه اللجنة هي مجرد مضيعة للوقت وملهاة في كنف المأساة وفقاً لتعبير أحد الدبلوماسيين السوريين.
وتأسيساً على ما تقدم، وحسما للجدل السياسي والقانوني والشعبي، وكذلك السجال الدائر عن هذه اللجنة والآراء المتباينة عنها، التي يحاول من ينتمون للهياكل الصورية لما يعرف بـ” المعارضة” وفي مقدمتهم رئيس وأعضاء اللجنة ذاتها، قبل الائتلاف وهيئة التفاوض، تسويقها “عبر كم هائل من التدليس والركام، الذي يقذفه المدافعون عن هذه اللجنة وعملها في وجه كل صوت يحاول أن ينبّه لمكامن الخطر ومواطن الخطورة” حسب تعبير المحامي محمد صبرا.

 وعليه فقد ارتأى موقع”سوريتنا” فتح ملف هذه اللجنة على أسس قانونية، من خلال ستة أسئلة طرحها الموقع على عدد من السادة القضاة والمحامين السوريين، الذين شاركورنا مشكورين في إعداد هذا الملف _ وهم : القاضي الأستاذ جمعة الدبيس العنزي والمستشار الأستاذ عبد الرزاق الحسين والمحامون الأستاذة ميشيل شماس وعبد الناصر حوشان وإبراهيم ملكي- وتوضيح الملتبس حوله، ودحض وتفنيد كل ما يزعمه المدافعون عن هذه اللجنة، وفيما يلي نص الأسئلة :

* بحكم ممارستك للقانون وعملك لسنوات في مجال القضاء، هل تعول على ما يسمى باللجنة الدستورية؟
* هناك من يرى أن اللجنة الدستورية لا تملك تفويضا ولا ولاية، وتمثل جسما هزيلا انبثق عن ما عرف بمؤتمر سوتشي، ما تعليقك على ذلك؟
* ما هي الحوامل السياسية لهذه اللجنة لتكون نافذة وفاعلة لتمهد الطريق لدستور عصري يكون الضامن للاستقرار في بلد مثل سورية؟
* يرى بعضهم أن اللجنة مجرد مضيعة للوقت والتسويف والاستغلال لمأرب قوى إقليمية ودولية، ما ردك على ذلك؟

* الجميع يعلم أن اللجنة ليست منتج سوري، ولم تتشكل بمساعدة خارجية محايدة، بل هي إنتاج روسي بامتياز، إذا السؤال من المستفيد من وجود هكذا لجنة، سيما وأن ما يسمى بوفد نظام الأسد، ليس مخولا بصلاحيات أو اتخاذ القرار؟
* السيد هادي البحرة وفي مقابلة له منذ يومين أجرتها معه صحيفة “القدس العربي”، قال بالحرف: ” ستنجز اللجنة مهمتها خلال أربعة أشهر، إذا توفرت الإرادة الدولية، ما تعليقك على ذلك؟

وكي لا نطيل السرد كثيراً نذهب إلى إجابات ضيوفنا الأكارم في الجزء الأول منه:

القاضي المعروف جمعة الدبيس العنزي كانت إجاباته على النحو التالي :
                                                                                    القاضي جمعة الدبيس العنزي 

** هذا السؤال يحمل شجون عريضة، فهو يحمل تساؤلات تخرج عن إطار الجواب المهني القانوني، فأمر اللجنة الدستورية يهم جميع السوريين -نظرياً- أما من هو مطلع على ظروف ولادتها وإطار عملها ومرجعيتها ومجمل المعطيات المحيطة بها يدرك تماماً بأن التعويل على اللجنة الدستورية بهذا الشكل يترك في النفس ريبة وعلامة استفهام كبرى؛ هل هذه اللجنة قادرة فعلاً على إحداث اختراق في المعضلة السورية وبلسمة جراح السوريين؟ الجواب المختصر: لا!.

** لم تكن مشكلتنا يوماً هي مشكلة (دستور) وإنما في تطبيق الدستور، فدستور الأسدين –الأب والأبن- نفسه لا يبيح القتل أو التعذيب أو الاعتقال خارج إطار القانون ويتضمن نصوصاً حالمة تتحدث عن الحرية والعدالة والمساواة، لكن أنتم ترون كيف تم حكم البلاد من قبلهما، واللجنة الدستورية بشكلها الحالي لا تملك الأدوات الذاتية التي تجعل منها مخلصاً للسوريين ومنهياً لمعاناتهم، واللجنة الحالية ولدت حقاً بعد مخاض عسير نجم عن تعنت النظام ومن خلفة (روسيا) وعدم تجاوبهم مع القرارات الدولية الداعية لحل المأساة السورية وتحقيق الانتقال السياسي ولا سيما القرار (2254) لعام 2015، ومفاوضات جنيف التي نتجت عنها سلال دي مستورا الأربع الشهيرة، والتي ولدت في مؤتمر جنيف 4 الذي انعقد يوم 23 فبراير/شباط 2017، هذه السلال –وأهمها الانتقال السياسي- تعطلت بسبب المعطيات الدولية ومنطق القوة الذي فرضته دولة نووية عظمى هي (روسيا) وبقي ثمة مسار هزيل يتيح مجالاً واسعاً للتسويف والمراوغة ألا وهو مسار اللجنة الدستورية.

 ** كما ذكرنا سابقاً فاللجنة الدستورية بشكلها الحالي وأدواتها الذاتية غير قادرة بالمطلق على تحقيق الهدف المعلن من تشكيلها، أي إقرار دستور يلبي مطامح السوريين بتحقيق الانتقال السياسي المنشود، لكن الواقع يخبرنا وبعد مرور زمن ليس بالقصير على تشكيلها، ( أعلن عنها الأمين العام للأمم المتحدة في 23 أيلول 2019)، وقبل ذلك يمكن إرجاع اقتراح إنشاء لجنة لتغيير الدستور السوري إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي تم تبنيه في كانون الأول/ ديسمبر 2015، الذي وفر إطاراً لإنشاء مثل هذه اللجنة، لكن تم تأجيل تنفيذه إلى ما بعد محادثات السلام في جنيف حول سورية ثم تأخر لاحقًا حتى تم التوصل إلى اتفاق إطاري تقريبي في روسيا في كانون الثاني / يناير 2018 في سوتشي الروسية، ونحن نرى الآن أن لا تقدم يذكر في هذا المسار والسبب يعود للتجاذبات الدولية التي تتحكم به.

**  لسنا بحاجة إلى مزيد من ذكاء وسبر لمجمل الظروف المحيطة باللجنة الدستورية لنعلم يقيناً أنها حقاً مضيعة للوقت ولا أمل يرجى من ورائها بوضعها الراهن كما سلف، ونحن على أعتاب الجولة السادسة من اجتماعات هذه اللجنة نعي جيداً أن النتيجة حتى الآن (صفر) وستبقى كذلك ما لم تتوافر ظروف دولية تدفع النظام على الرضوخ لصوت المنطق والحق والانصياع للقرارات الدولية التي صدرت بالإجماع (بما في ذلك روسيا والصين) والتي تؤكد على ضرورة حدوث الانتقال السياسي الكامل في سورية بما يعني ضمناً رحيل نظام الأسد بكل رموزه وبما يحقق الحد الأدنى من آمال وطموحات السوريين ويعوض نزراً يسيراً من تضحياتهم الهائلة التي لا توصف.

** لا نستطيع القول بأن اللجنة الدستورية “منتج روسي” بامتياز، ذلك أن من يقرأ القرارات الدولية المعنية بالشأن السوري يلمس أثراً للبعد الدستوري وإن كانت الصيغة لم تكن معلنة بهذا الشكل، لكن روسيا ولاستجرار المجموعة الدولية لمؤتمر سوتشي “رشت” دي ميستورا إن جاز التعبير بمسألة الدستور لإقناعه بالمشاركة؛ وهذا ما حصل، وعادت واستفادت من هذه المسألة وحاولت جاهدة حصر كل المسار السياسي الأممي باللجنة الدستورية.

بالتأكيد المستفيد من هذا الوضع هو النظام وأعوانه طالما أن الواقع على الأرض يميل لصالحه بسبب القوة الروسية من خلفه، وليس بسبب وجود اللجنة الدستورية بحد ذاتها.

** وأنا أقول لك الآن لو توافرت الإرادة الدولية لأنجزت مهمة الوضع السوري برمته خلال أربعة أيام لا أربعة أشهر!.

ومن المنصف هنا أن نبحث عن الأسباب العميقة للفشل والنجاح لا أن ننظر إلى منتج ما بحد ذاته ونحمله ما لا يطيق…


في حين إجابات المستشار عبد الرزاق الحسين
قاضي سوري سابق وباحث في القانون هي كالتالي : 
                                                                                      المستشار عبد الرزاق الحسين 

** اللجان التي تكتب الدساتير هي اللجان التي تعبّر عن إرادة الشعب من خلال الانتخابات سواء التأسيسية أو العادية وبما أنّ اللجنة الدستورية الحالية لا تمتع بالرضى الشعبي وأنها نتجت عن رغبة دوليّة بعيداً عن الإرادة الشعبية السورية، فإنه لا منطقاً ولا واقعاً يمكن التعويل عليها بشيء.

** مصدر القوة والشرعية هو الشعب السوري وفي غياب اتفاق سياسي سوري حقيقي وقبل ذلك في غياب الانتخابات التي تعبّر عن إرادة وطموحات الناس فإنه من المتعذّر الحديث عن حوامل سياسية أو وطنية سورية تؤدي إلى إنتاج دستور سوري يضمن الاستقرار وإعادة بناء البلاد بناء ماديّاً ومجتمعيّاً.

** خلال السنوات العشر الماضية تبيّن غياب الإرادة الدوليّة في حلّ القضية السوريّة ومن الجليّ أن استمرار الوضع السوري دون حلّ ربّما هو التعبير الأوضح عن مصالح الدول المؤثرة في الوضع السوري ولذلك كانت اللجنة الدستوريّة هي الوسيلة التي تتمكن فيها الدول المذكورة من تأجيل التوصّل لأي حلّ وتمضية مزيد من الوقت ريثما يصبح هذا الحلّ مناسباّ لمصالحها.

** من الواضح والأكيد أن المستفيد من وجود اللجنة الدّستوريّة هي الجهات التي دفعت باتجاه إنشائها وبالتّحديد روسيا وكذلك النظام السوري عبر تقزيم الحل الحقيقي للمسألة السورية باعتبارها قضية شعب مضطهد يطالب بالحرية والانتقال السياسي والعبور إلى دولة ديمقراطية ونظام عصري بعيداً عن الاستبداد والقتل والفساد وتحويل هذه القضية إلى مجرّد إصلاح دستوري أو كتابة دستور جديد بعيداّ عن حلّ جذري المشكلة.

** أتفق لحد ما مع السيد هادي البحرة باعتبار أنّ اللجنة الدستورية تعبير عن رغبة دولية لا سورية وأن المجتمع الدولي عندما يريد التوصل إلى حلّ أو حتى كتابة دستور جديد فهو يستطيع ذلك بسهولة وسرعة… وما يعزّز قول السيّد البحرة أنّنا كنّا نسأل الكثير من أعضاء اللجنة الدستورية السؤال التالي: هل تعتقدون أن الدستور المأمول من خلال لجنتكم سيكون نتاج حوار وتفاعل بينكم وبين وفد النظام ؟ كان الجواب دائما بالنفي وأن المجتمع الدولي هو بالنتيجة من سيتوصل إلى إيجاد ذلك الدستور بطريقة أو أخرى.

تنويه : المستشار عبد الرزاق الحسين دمج إجابة السؤالين 1-2 في إجابة واحدة …


ملاحظة : كي لا نكرر الأسئلة مع كل إجابة، فضلنا إيرادها في بداية الحوار مع التنويه إليها بوضع (*) للسؤال ونجمتين (**) لجواب الضيف .


يتبع في جزء (2 ) 

شاهد أيضاً

عالم إسباني يكشُف لماذا كان الزلزال في تركيا وسورية “مدمرًا” إلى هذا الحدّ

قال خوردي دياز عالم الزلازل في معهد برشلونة لعلوم الأرض التابع للمجلس الأعلى للبحث العلمي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *