الهدن المحلية والتغيير الديموغرافي القسري في سورية

هنــاك الكثيــر مــن المخــاوف مــن كــون الهــدن التــي يعقدهــا النظــام في المناطــق الثائــرة جــزء مــن مشــروع كبير يقضــي إلى إحــداث تغييــر ديموغــرافي في البنيــة الســكانية لهــذه المناطــق، حيــث يقــوم النظــام بنقــل الحاضنــة الشــعبية للمعارضــة إلــى مناطــق ريفيــة مســتهدفة مــن قبلــه أو مــن قبــل حلفائــه الــروس والإيرانييــن أو تنظيــم الدولــة “داعــش”.  كمــا حصــل في حمــص حيــث تــم نقــل مقاتلــي المعارضــة (بعــد أن رزحــوا تحــت حصــار كامــل لمــدة عاميــن) مــن الأحيــاء القديمــة الثائــرة الخالديــة وبــاب ســباع وبــاب هــود وجــورة الشــياح والقصــور إلــى الريــف الشــمالي للمدينــة الخاضــع للحصــار حتــى هــذه اللحظــة. عــدا عــن أن هــذه الهــدن يتــم فرضهــا مــن خــلال شــن حــرب شــاملة، مترافقــة مــع حصــار وتجويــع المدنييــن وقصــف واســتهداف منازلهــم والمركــز الطبيــة الميدانيــة وكل ســبل العيــش الممكنــة مــن أفــران ومــدارس ومؤسســات إغاثية ودور عبــادة … إلــخ. وبعــد إنهــاك المناطــق المســتهدفة يجــري عقــد هــدن، تفضــي إلــى ترحيــل ســكانها أو المقاتليــن منهــا إلــى شــمال ســورية تحديــداً ادلــب وحلــب، ويتــم مصــادرة ممتلكاتهــم ومنــع أهالــي المقاتليــن مــن العــودة إلــى ديارهــم.

يبــدو أن هــذه الهــدن مــا هــي إلا تكريــس لمبــدأ ســورية المفيــدة الــذي أطلقــه رئيــس النظــام الســوري والــذي يهــدف إلــى تأســيس ســوريا النظــام وحاضنتــه الاجتماعيــة وحلفائــه بالاعتمــاد على المــدن الكبــرى حمــص حمــاة دمشــق الشــريط الســاحلي، وتبقــى ســورية الأخــرى “المضــرة” القائمــة على المناطــق الريفيــة البعيــدة عرضــة لقصــف طيــران النظــام بالبراميــل المتفجــرة وبمختلــف أنــوع الأســلحة التــي يملكهــا، بالإضافــة إلــى مخــزون المقاتــلات الروســية وتبقــى خاضعــة بشــكل مســتمر لخطــر تنظيــم الدولــة “داعــش”.

 بتســويق فكــرة المصالحــات أو التســويات في بعــض المناطــق على ً وبينمــا كان إعــلام النظــام وأجهزتــه الأمنيــة منشــغلا أنهــا انتصــار لــه على “الإرهابييــن”، جــاءت تغطيــة إعــلام الثــورة لهــا متفاوتــة بيــن التأييــد، بســبب تفهم الشــروط القاســية التــي أجبــرت الســكان على القبــول بهــا وانعــدام أفــق أي حــل ممكــن لمعانــاة النــاس، وبيــن الرفــض بســبب أن النظــام هــو المســتفيد الوحيــد منهــا.

هذه المادة مقتبسة من دراسة بحثية متكاملة صادرة عن مؤسسة “اليوم التالي”

للاستزادة يمكن الاطلاع على المادة وفق الرابط التالي:

https://tda-sy.org/ar/content/215/277/%D8%A2%D8%AE%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AF%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7

شاهد أيضاً

وفاة صاحب مقولة لا تخذلوا الثورة السورية

توفي، اليوم الأربعاء، وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب عن عمر ناهز 79 عاماً، الذي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *