تحليل إخباري: تحرير سراقب.. نصر مزدوج

صلّى الثوّار الفجر في مسجد بازار “سراقب” بعد تسابق ميليشيات الأسد وداعميهم إلى الفرار منها تحت هدير المدفعية التركية وطلائع الثوّار المقتحمين.

وفي قراءة سريعة لهذه المعركة الإستراتيجية معنوياً ومكانيّاً وزمانيّاً ندرك أهمّية النصر المحقّق فيها، الذي جرى بتوفيق من الله وفتحٍ منه أوّلاً وآخراً.

هذا النصر له بُعدان واضحان، زيادة على كثير من الآفاق المستقبلية التي فُتحت بتحقّقه.

 

أما بُعده الأوّل: ففي كسر العقدة الأصعب من حملة النظام المدعوم روسيّاً، حيث تَربُض “سراقب” على العقدة الأهمّ التي تجمع طريقي M4 و M5، اللّذين يعوّل النظام على تأمينهما لما لهما من دور في التخفيف من الآثار الاقتصادية الواقعة عليه جرّاء العقوبات الاقتصادية والعزلة التي فُرضت عليه أخيراً، ومن ناحية أخرى ما حقّقته السيطرة على هذين الطريقين من جرعة معنوية عالية للأسد ومؤيديه…

ولذلك فإنّ تحرير ما سمّاه مؤيدو الأسد ب”القلعة الحصينة ورأس الحربة” له آثار مادية ومعنوية مدمّرة للحملة التي كلّفت الأسد وداعميه الروس الكثير من المقدَّرات البشرية والمادّية.

أمّا البُعد الثاني: لنصر سراقب فهو دحض فِرية التسليم والاستلام التي أُشيعت في أوساط الحاضنة الثورية في توقيت صادفت فيه تراجعاً عن الجبهات، فترسّخت في أذهان الكثيرين، وبدأت التحليلات المسمومة القائمة على نظرية الاتفاق والتسليم المتبادَل تفعل فعلها في المعنويات الثورية وثقافة الصمود، وتقضي على الأمل في آخر حليف للثورة السورية.

إنّ تحرير “سراقب” أظهر ضحالة تفكير القائلين بنظرية الاستلام والتسليم، وأسقط تحليلاتهم القائمة على تلك النظرية، وأعاد شيئاً من الثقة في قدرة الثوّار على قلب الكفّة في حال توافر الدعم المادّي على الأرض.

 

لكنْ هذا النصر المزدوج يقتضي وقف التقدّم الحاصل لميليشيات الأسد الإرهابية والروس جنوبيّ إدلب، حتى إنّ العدوّ يشوّش به مع بعض المتشبّعين بفكرة التسليم والاستلام المتّفق عليه؛ لذا هنا يجب لفت النظر إلى أنّ المعركتين المتزامنتين لا تتساويان إستراتيجياً ولا حجماً، فخسارة القرى جنوبي إدلب لا تُقارن بخسارة النظام “للنيرب” و”سراقب” وانكسار رأس حربته الحادّة.. والحرب -كما عوّدتنا- كرّ وفرّ، وقادم الأيّام حافل بالأحداث، وحرب المعنويات ليست بأقلَّ أهّمية من حرب الدبّابات، فلا يُسمَح في ظلّها بتسفيه أيّ انتصار عِلاوةً على أن يكون هذا الانتصار في معركة فاصلة كمعركة “سراقب”.
بقلم: أسامة حوى

ملاحظة : كل ما ينشر من مواد ومقالات وتحليلات تعبر في النهاية عن رأي كتابها ووسيلتها الإعلامية وليس لها بالضرورة أن تعرب عن راي الموقع …

شاهد أيضاً

ماذا بعد الانبهار بـ”حمـ.ـاس” والانهيار في إسـ.ـرائىل… مَن يمسك بزمام المبادرة ومَن يخشى الانزلاق؟

في حال اضطرت إدارة بايدن إليها – أن تثبت جديّة الخيارات العسكرية. هناك في سوريا يمكن قطع الطريق على برنامج إيران الإقليمي للامتداد من إيران إلى العراق وسوريا وإلى لبنان على الحدود مع إسرائيل وعلى البحر المتوسط. وهناك في سوريا يمكن للوسائل العسكرية الأميركية والأوروبية إسقاط الرئيس السوري الحليف لإيران، بشار الأسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *