دمشق باعت سليماني وبغداد ساهمت وتل أبيب شاركت

خاص – سوريتنا

من الصعب تصديق اغتيال شخصية بوزن قاسم سليماني بهذه السهولة التي تمت بها العملية لولا تقديم معلومات أكيدة.

ليس الأمر لأن سليماني عصي على الأميركان فالتقنيات  العسكرية الدقيقة المتوافرة لدى الاميركان نجعل من السهولة بمكان اغتيال اي سخص داخل سيارته أو بين جدران منزله.

لكن الاستخبارات الاميركية تحاول تحري الدقة من أجل أن لاينخفض رصيدها كاقوى استخبارات عالمية، ولا تقدم على عملية تكون نسبة الخطا فيها محتملة أو قليلة.

وبما أن الرجل سليماني ليس شخصية عادية فهو لا يعلن عن تحركاته حتى للمسؤولين الإيرانيين على مستوى وزير خارجية أو رئيس برلمان، أو حتى رئيس الجمهورية. وقد غضب وزير الخارجية الغيراني عندما دعي إلى اجتماع المرشد الإيراني مع بشار الأسد بحضور سليماني ذات مرة ولم يكن يمتلك أي معلومة عن حضور بشار إلى إيران، وقد كان ذلك بترتيب من سليماني مع المرشد، على الرغم من أن زيارة كهذه تتم عادة في أروقة وزارة الخارجية وهي من مهامها كاملة.

تمكن سليماني عبر الميليشيات الإيرانية التي شكلها في كل من العراق ولبنان واليمن وسورية أن يتحكم في القرارات العليا لتلك الدول بعد أن وظفه ميليشياته في الدفاع عنها وفي مواجهة شعوبها.

وفي الوقت الذي قدم سليماني فيه خدمة جليلة للنظام السوري حين مكنه فعلا من مواجهة الاحتجاجات التي أوشكت على الإطاحة بالنظام السوري بعد عام تقريبا من اندلاعها 2011 مما جعل من تلك الأنظمة ان تنصاع لقرارات إيران وممثلها قاسم سليماني، وفي الوقت نفسه بات عبئا عليها بعد أن خطف سلطة القرار منها، وقد يكون مثل هذا الأمر مدعاة لأن يبحث النظام السوري وبعض المسؤولين العراقيين على طريقة للتخلص منه .

لم يكن ذلك ممكنا أبدا عبر رجالاتهم فاستغلوا غضب الإدارة الأميركية على غيران وعلى قاسم سليماني الذي تمادى عندما ألب المحتجين في العراق للوصول إلى السفارة الأميركية وتهديدها مباشرة.

كيف تم الأمر وهل تتعاون أميركا مع أنظمة حليفة لإيران؟

تتقاطع المعلومات بأن عملية مقتل قائد فيبق القدس  بدأت  استخباريّاً من مطار دمشق، حيث كان هناك مخبرون يعملون لصالح وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)  وقد أبلغوا المخابارت الاميركية بمغادرة سليماني دمشق وتوجهه إلى بغداد، بحسب تقارير لشبكة «إن بي سي نيوز» وصحيفة «نيويورك تايمز» ومحطة «فوكس نيوز».

وبمجرد هبوط طائرة تابعة لـ«أجنحة الشام» من طراز «إيرباص – إيه 320» في مطار بغداد، أكد المخبرون في مطار بغداد المعلومات التي تلقوها من دمشق. بعدها، انطلقت ثلاث طائرات أميركية من دون طيار إلى وجهتها نحو المجال الجوي العراقي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة. وكانت كل طائرة مسلحة بأربعة صواريخ من طراز «هيل فاير»، بحسب «إن بي سي».

وبينما كانت تتحضر الطائرات لتنفيذ الغارة، كان المسؤولون الأميركيون يشاهدون عبر شاشات كبيرة، صعود أبو مهدي المهندس، نائب رئيس قوات الحشد الشعبي لتحية سليماني الذي كان يترجل من طائرته، وذلك في تمام الساعة الواحدة من منتصف الليل، حيث كانت ألوان الشاشة تعمل بالأبيض والأسود، ولا تظهر تفاصيل الوجوه بسبب استخدام الأشعة فوق الحمراء.

على الناحية الأخرى، كانت مديرة «وكالة الاستخبارات المركزية»، جينا هاسبل، تتابع العملية من مقرها بمدينة لانغلي بولاية فيرجينيا الأميركية، في حين كان يتابع وزير الدفاع مارك إسبر من مكان آخر. كما كان هناك عرض للعملية في البيت الأبيض دون وجود الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي كان في فلوريدا آنذاك.

وأظهرت الشاشات مسؤولين كبيرين يدخلان سيارة «سيدان» بدأت في السير، في حين صعد الباقون في حافلة صغيرة أسرعت للحاق بها. بدأت الطائرات من دون طيار تتبع المركبات بعد انطلاقها نحو مخرج المطار، فيما سعى خبراء الإشارة إلى تأكيد هوية من بداخلها. وفي ذلك الوقت تقدمت الحافلة الصغيرة أمام السيارة التي كانت تقل سليماني وسط حركة مرور خفيفة. ومع تأكيدات المصادر على الأرض، تمكّن المشرفون على العملية من مقر القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) في العاصمة القطرية الدوحة، من التخلص من أي شكوك حول هوية مَن كانوا في السيارات. وعقب التأكد النهائي تم إعطاء الأمر بإطلاق أربعة صواريخ على السيارات، في عملية لم ينجُ منها أحد.

وأوضح مسؤولون أن الطائرات من دون طيار لم تكن صامتة، لكن في بيئة مثل بغداد يصعب تمييز صوتها، ولم يكن ركاب السيارة على دراية بأنهم مستهدفون. من جهتها، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير تحت عنوان «سبعة أيام من يناير: كيف دفع ترمب العلاقة مع إيران إلى حافة الحرب»، تطورت الأحداث بين الولايات المتحدة وإيران، في الأيام وحتى الشهور التي سبقت مقتل سليماني. ويروي التحقيق الساعات الأخيرة التي سبقت استهداف سليماني بعد خروجه من مطار بغداد قادماً من دمشق، وكيف كان من الممكن تأجيل العملية لو لم يصعد سليماني في طائرة «أجنحة الشام».

وفي تحقيق خاص لشبكة «فوكس نيوز»، فإن فريقاً أمنياً وعسكرياً أميركياً كان على أرض المطار لحق بموكب سليماني بعد خروجه منه، وبقي على مسافة تقل عن كيلومتر واحد وراءه، وصل في أقل من دقيقة أو دقيقتين بعد تنفيذ الضربة، حيث التقط صوراً خاصة عرضتها الشبكة، حيث تأكد من هوية سليماني ومن أشيائه الخاصة، بينها مسدسه الخاص وهاتفه والخاتم في إصبعه.

على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية كانت هناك مناقشات حول ما إذا كان سيتم استهداف سليماني. وبسبب صعوبة تنفيذ ذلك في إيران، فكر المسؤولون في ملاحقته خلال إحدى زياراته المتكررة إلى سوريا أو العراق، وركزوا على زرع عملاء في سبعة كيانات مختلفة للإبلاغ عن تحركاته: الجيش السوري و«قوة القدس» في دمشق و«حزب الله» في دمشق ومطاري دمشق وبغداد وقوات «حزب الله» وقوات التعبئة الشعبية في العراق.

ومع تصاعد التوتر مع إيران في شهر (أيار) الماضي، طلب جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، من الوكالات العسكرية والاستخباراتية، وضع خيارات جديدة لردع إيران. وكان من بينها قتل سليماني وغيره من قادة «الحرس الثوري»، حيث تزايد العمل بعدها لتعقب رحلاته، وفقاً للصحيفة الأميركية.

وبحلول (أيلول)، تم انضمام القيادة المركزية للولايات المتحدة والقيادة المشتركة للعمليات الخاصة إلى التخطيط لعملية محتملة ضد سليماني، حيث نوقشت أمكنة مختلفة بعضها في سوريا وبعضها في العراق. لكن سوريا كانت أكثر تعقيداً بسبب عدم تمتع الجيش الأميركي بحرية تحرك، ولأن سليماني يقضي معظم وقته مع ضباط «حزب الله»، ولم يرغب المسؤولون في زجهم بهذه العملية والمجازفة بتصعيد جديد مع إسرائيل.

وينقل تقرير الصحيفة عن مسؤول قوله إن العملاء السوريين أيلغوا في أكثر من مرة عن تحركات سليماني، وكانوا يؤكدون كيفية استخدامه عدداً من شركات الطيران وشراء أكثر من بطاقة على رحلات متعددة للتمويه، وصعوده في اللحظات الأخيرة قبل إقلاع الطائرة، وجلوسه في الصف الأمامي ليتمكن من الخروج سريعاً.

وفي المرة الأخيرة انطلق سليماني في رحلته ا ليلة رأس السنة الميلادية، متوجهاً إلى دمشق، ثم توجه بالسيارة إلى لبنان للقاء حسن نصر الله زعيم «حزب الله»، قبل العودة إلى دمشق في ذلك المساء. وقال نصر الله، في خطاب لاحق: «حذرت الجنرال سليماني من أن وسائل الإعلام الأميركية تركز عليه وتنشر صوره»، وأضاف: «لقد كان هذا إعداداً إعلامياً وسياسياً لاغتياله».

ولطالما تعاونت المخابرات السورية مع السي آي إيه في المعلومات الاستخباراتية ولعلنا نذكر أن الأمن السوري قدم دراسة هائلة تحتوي على معلومات لم يكن الأميركان يحلمون بها على حد تعبيرهم بخصوص العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية في العراق عقب غزوه من أميركا، الأمر الذي جنّب النظام السوري المصير نفسه في 2003-2004 بالنقابل تغاضت أميركا عن كثير من عمليات التصفيىة التي قام بها النظام السوري ضد حصومه بدءا من كمال جنبلاط وصولا إلى رفيق الحريري والقائمة طويلة.

وقد تضحي المخابرات السورية بمن تنكشف اسماءهم في العملية وقد تحاكمهم أو تتخلص منهم فورا كما تجري العادة في مثل تلك الأمور كي لاينكشف دور المخابارت السورية في تجنيدهم ولو من بعيد.

يذكر أن مسؤولين عراقيين أخبرا وكالة “رويترز” أنهم يحققون بخصوص دور المخبرين الأميركيين اللذين كانا حاضرين خلال العملية في مطار بغداد، فيما تجري المخابرات السورية تحقيقا عن دور موظفي أجنحة الشام للطيران

شاهد أيضاً

وفاة صاحب مقولة لا تخذلوا الثورة السورية

توفي، اليوم الأربعاء، وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب عن عمر ناهز 79 عاماً، الذي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *