رأي..ما بعد الانتخابات.. بعض ملامح السياسة التركية المقبلة اتجاه الملف السوري

كتب د. باسل معرواي لـ”سوريتنا”

شغلت الإنتخابات التركية العالم كله…وبسبب وضع تركيا الجيوسياسي الفريد في العالم وقيامها بلعب أدوار مهمة في الإقليم والعالم…وبسبب إختلاف سياسة تركيا الخارجية طبقا للمرشح الفائز…كان الترقّب سيّد الموقف…
الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لم يكونا يُخفيان رغبتهما بفوز مرشح المعارضة..فيما الشرق المُتمثّل بروسيا وإيران والصين ترى العكس…بسبب علاقات مهمة أنشأها الرئيس التركي مع طرفي أستانة وإبتعاده خطوات واضحة عن السياسات الغربية والتي لم ترَ في عهده أي تقارب حقيقي، إنما كانت وجهات النظر المختلفة تحكم العلاقات بينهما في أغلب الملفات ..
مايهمنا أثر تجديد عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالسلطة لمدة خمس سنوات قادمة …ويمكن مبدئيا ملاحظة النقاط التالية التي ستتحكم بسياسته في الملف السوري بالمرحلة المقبلة:

1– كان جوهر المسايرة التركية لروسيا وإنشاء منصة أستانة فيما بعد كان ذلك الجوهر هو القوة الروسية المتوحشة والتي تم توجيهها لتركيا بعد إسقاط المقاتلة الروسية في سورية 2015…وبناءاً على حامل القوة هذا نشأت محاور أستانة وسوتشي وما أعقبهما من تفاهمات على الأرض وتنسيق السياسات حتى خارج الساحة السورية….وبدخول الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الثاني وإستنزاف الجهود الروسية العسكرية والاقتصادية والسياسية دون أي بارقة أمل بتوقف الحرب عند هذه الدرجة ناهيك عن إنتصار روسي شبه مستحيل….فإن الأساس الحامل للتفاهمات الروسية التركية قد إنهار وأضحى الموقف التركي أقوى في سورية من ذي قبل ..وبالتالي ليس من الصعوبة التراجع عن تلك التفاهمات رويداً رويداً بل ربما أكثر من ذلك

2– نعلم أن الإستدارة التركية إتجاه نظام الأسد كان بعد تعذر شنّ عملية عسكرية تركية في الشمال السوري في نهايات عام 2021 والنصف الأول من 2023 لأسباب معروفة ..وكان ضغط المعارضة التركية يتنامى على الحزب الحاكم ورئيسه بورقة الملف السوري خاصة مايتعلق منها باللاجئين وعودتهم إلى بلدهم ..وبسبب إنسداد أي أفق سياسي للحل السوري ..كانت خطط المعارضة تقتضي بالإنفتاح على نظام الأسد وحل المشكلة ثنائياً وبالتالي إحراج الرئيس التركي الذي يملك سجلاً حافلاً من العداوة مع الأسد أولاً…وثانياً لأنه هو المسؤول الأول عن الإنعكاسات السلبية للحرب في سورية على الداخل التركي (بملفي اللاجئين و الكانتون الكردي على الحدود) ..فَوّت الحزب الحاكم ورئيسه الفرصة على المعارضة وأنجز إستدارته بإتجاه نظام الأسد وسحب الورقة من أيديهم..وبالواقع لم يتم إنجاز أي لقاء مهم بين الأتراك ونظام الأسد ناهيك عن إجراءات عملية على الارض…والآن تحررت القيادة التركية من ضغوطات تلك الورقة

3– خوف إيران من نفوذ تركي مستقبلاً في سورية بأدوات القوة الناعمة ..وتفضيل الشعب السوري عامة للأتراك على الإيرانيبن (المكروهين) والذين لايملكون حلولاً إقتصادية ..كان الخوف الإيراني حاضراً وواضحاً بعرقلة المسار الرباعي للتطبيع وتفضيل الإيرانيبن عليه المسار العربي الذي لايقلقهم أبداً والذي بدأ عمليا بعد مسار الرباعية وسبقه بأشواط كثيرة..

4– ويمكن بالوقت ذاته التوقف ملياً عند كلمة الأسد بقمة جدة عندما هاجم الخطر العثماني الجديد المغلف بنكهة إخوانية ..دون داعٍ لذلك وخارج سياقات السياسة وتَحدِّ واضح للمسعى الروسي ويتلاقى مع الرغبات الإيرانية….
هذا الموقف سيكون مُعطلاً لأي جهد تركي حقيقي بإتجاه الأسد..

5- لاتستطيع تركيا عموماً التخلي عن الحلفاء الغربيين وإن شاب العلاقات بعض الفتور ….فتركيا من أغلق مضائق البوسفور بوجه الاسطول الحربي الروسي وزوّد الجيش الأوكراني بالمسيرات ..وتركيا من منع الطيران الحربي الروسي أو المدني الذي يتعاطى مع القوات الروسية في سورية من عبور الأجواء التركية..وتركيا التي تعاني من ضائقة إقتصادية مفروض عليها التعاون مع الغرب ..وتركيا التي توسّطت لإخراج الحبوب المحبوسة عبر البحر الأسود..وتركيا التي لن تراهن طويلاً على الحصان الروسي الخاسر…ستتحسن تدريجياً علاقتها بالغرب وسينعكس ذلك بالتأكيد على الملف السوري.

شاهد أيضاً

بوليفيا تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.. وتشيلي وكولومبيا تستدعيان سفيريهما للتشاور

أعلنت وزارة الخارجية في بوليفيا،  الثلاثاء، أن الحكومة قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل متهمة …

2 تعليقات

  1. الأيام القليلة القادمة كافية بتوضيح سياسة تركيا العامة ، وبما يخص الملف السوري خاصة .
    حيث أن نجاح الرئيس الطيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية ومؤيدوه على الصعيد الرئاسي وعلى صعيد التمثيل النيابي يمنح الإدارة التركية اتخاذ قرارات أكثر وضوحاً وجرأة والتي أكثرها تعقيداً هو الملف السوري.
    نأمل أن تكون خيراً على سوريا و السوريين الذين تعلقت آمالهم بنتائج الانتخابات والموقف التركي من قضيتهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *