وثيقة “توافقات وطنية” أم صك انتداب جديد بغلاف مزيف

سوريتنا-متابعات:

نشر د. حسين مرهج العماش* في حسابه بالفيس بوك بوستاً بتاريخ 4 / 5 / 2023، معقباً على ما يسمى بـ”وثيقة توافقات وطنية” الصادرة عن مركز حرمون للدراسات المعاصرة، وذلك تحت عنوان : “وثيقة توافقات وطنية ام صك انتداب جديد بغلاف مزيف”.

فيما يلي نص البوست ننشره حرفياً كما رصده موقع “سوريتنا” :

” وثيقة توافقات وطنية ام صك انتداب جديد بغلاف مزيف
(عن الوثيقة الصادرة عن مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 27 نيسان/ أبريل 2023)

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه الوثيقة الصادرة عن مركز حرمون بعنوان “مشروع وثيقة توافقات وطنية” عن مستقبل سورية هي وثيقة مرفوضة جملة وتفصيلا. وأصبح الحديث عن المستقبل في هذا الظرف سابقا لأوانه ويحمل معاني الهزيمة وليس معاني الحكمة. وما نقوله، أنه حتى لو كان العسل صافيا (اي الوثيقة) فوجود نقطة سم واحدة فيه كافيه لرميه بعيدا. ولهذا نقول للقائمين على المشروع ان يتكرموا علينا ويسحبوه ويلغوه نهائيا، لأنه في اقله هو إهانة جديدة للعرب المسلمين في سورية.

والوثيقة من الشروط المذكورة فيها ومن لغة المراوغة التي كتبت بها تبدو كأنها صك انتداب جديد مغلف زيفا بأسماء سورية. وهي عمليا تشرعن نتائج حرب نظام الأسد على الشعب العربي المسلم، ولكن بأيد بعيدة عنه هذه المرة، كما يبدو. نعم مشروع الوثيقة هذا ليس أكثر من تقية اسدية معتادة. فهذا المشروع لا يحلم الأسد بأحلى منه حتى ولو كتبته مخابراته في اقبيتها العتيدة.

فنظام الأسد الملتحف بالعباءة الوطنية المزيفة بقي أكثر من 50 عاما يراوغ ولا يجرؤ على الإفصاح عن ممارساته القمعية والطائفية البشعة عن شكل السلطة التي يريدها، حتى تطوع جهابذة مركز حرمون ليتحفونا علنا بما يشبه ما كان مخبوءا في دهاليز الدولة الاسدية، بكل صفاتها:

فهذه الوثيقة فيها عيوب جسيمة لا يمكن تسميتها بالوطنية التي نعرفها، حتى لو تطهرت سبعة مرات اولها بالتراب، لأنها:
1- تتنكر لمبادئ الديمقراطية والحرية للسوريين بأن تدعو لوضع مبادئ فوق الدستورية (حق الفيتو) لجماعات سورية عكس مبدأ الديمقراطية الحقة في كل العالم ليستمر النظام وحلفاؤه بحكم سورية، بل وكأن فرنسا لاتزال هنا.
2- تتنكر الوثيقة لعروبة سورية وتتنكر للأكثرية التي هي العرب السنة، وتراوغ بتعريف الهوية بكلمات غير مفهومة مأخوذة من قاموس الماركسية والطائفية لتخفي هدفا سريا.
3- انها وثيقة تتجاهل عمدا واقع وحق ملايين الضحايا اللاجئين والنازحين من العرب السنة حصرا، وتنسى وجودهم وحقهم، و”كأنه ما صار شيء في سورية”!
4- ان الوثيقة تتجاهل أيضا أسباب ثورة السوريين على النظام الاسدي الطائفي وتساوي جرائمه الفادحة ببعض ممارسات الثائرين، والتي هي نقطة ببحر جرائم النظام. فكيف تمت مساواة الضحية بالجلاد؟
5- ان الوثيقة تتبنى وتفرض علمانية غريبة، ضد الاسلام قصدا، لا يعرف مضمون هذه العلمانية حتى من كتبها سوى انها تسعى للتضييق على الإسلام، ولا تحترم معتقدات وثقافة الناس.
6- تتبنى الوثيقة طروحات تقسيم البلد والناس بصورة مواربة بفرض مطالب عرقية: مثل اللامركزية الموسعة للحكم، وفرض لغة رسمية أخرى للدولة مع العربية، و… وبكلمة أخرى ستكون سورية حسب وثيقتهم بلدا لا طعم له ولا لون ولا رائحة، احتراما لمشاعر الأقليات وسحقا لمشاعر الأغلبية العربية السنية. بئس ذلك المشروع.

هذه بعض أهم الرذائل الموجودة في هذه الوثيقة الغريبة. وهي كافية لتكون سببا للرفض القاطع التام لها واستنكارها وضرورة سحبها من التداول حفاظا على ما تبقى من احترام لبعض الأسماء الواردة في هذه الوثيقة.

أيها الاخوة المثقفون “الثوريون السوريون “:
أ‌- هنا تتكلمون في هذه الوثيقة عن مستقبل أنتم ترسمونه، ويبدو مضمونه كأنه من وحي مشاعر النظام، وتنسون ان جريمته لا تزال قائمة ومستمرة. فمن انتخبكم لتقرروا مستقبل هذا الشعب ومن فوضكم للتتحدثوا باسمه هكذا لتساعدوا الظالم على ظلمه؟

ب‌- كفى استهتارا، واحترموا تضحيات السوريين وثورتهم، واتقوا الله في وطنكم وأبناء قومكم واهلكم. الأولوية هي انقاذهم اليوم من قهر نظام الأسد، واطفاء حريق البلد بإسقاط نظام الأسد وليس فقط شخص الأسد بأسرع ما يمكن لأنه كلما طال الزمن ترسخت سلطة الشر أكثر.

ج‌- أنتم عشتم أو عايشتم المصيبة السورية المستمرة، وعشتم وتعايشون اليوم مدى الحقد داخل سورية، ومدى العنصرية والاحتقار تجاه اللاجئين بكل وقاحة وقلة حياء من كل حدب وصوب. حتى الاقربون، ممن يسمون بملوك وزعماء العرب، قد باعوا دم ملايين الضحايا بدون ثمن في سوق مصالحهم. فكيف لكم ان تقفزوا فوق هذا وتخلطوا الأولويات لدرجة تعمق المأساة بدلا من الخلاص منها. اخرجوا من شرنقتكم (التي صنعتموها بأنفسكم) واندمجوا مع مطالب ومآسي أبناء وطنكم. فهم درعكم منذ الأزل.

د‌- ثم بعد ذلك سنترك للسوريين كلهم ووحدهم، بدون وصاية من أحد، ان يقرروا مصير بلدهم وشكل حكومتهم بحرية وديمقراطية حقيقية. فلم ينتخبكم أحد ولم يكلفكم احد.

فسورية لن تكون الا دولة حرة عربية وديمقراطية لكل أهلها وبدون شروط مسبقة، مهما كانت. وان لم تكن كذلك فلتذهب الى الجحيم. لقد انتهى زمن التكاذب الوطني وليعرف كل شخص حقه وحجمه.

د. حسين مرهج العماش

2 أيار 2023″

*حسين مرهج العماش : خبير اقتصادي دولي ، رئيس هيئة مكافحة البطالة الأسبق

فيما يلي أدناه رابط ملف الوثيقة

http://29 – مشروع وثيقة توافقات وطنية – الصيغة النهائية للنقاش العام

شاهد أيضاً

بوليفيا تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.. وتشيلي وكولومبيا تستدعيان سفيريهما للتشاور

أعلنت وزارة الخارجية في بوليفيا،  الثلاثاء، أن الحكومة قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل متهمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *