زيلينسكي يصفع بشار الأسد


بقلم غياث كنعو


وجه الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي صفعة قوية لرأس النظام في دمشق بشار الأسد، وذلك خلال الكلمة التي ألقاها عندما حل ضيفاً على مؤتمر “القمة العربية” في جدة، يوم أمس الأول الجمعة 19 / 5 / 2023.
وجاءت الصفعة في التجاهل المتعمد نكاية ببشار الأسد، وذلك في الدقيقة 5,02 في معرض تناول زيلينسكي خلال كلمته للعلاقات بين بلاده والدول العربية، قائلاً: “…علاقاتنا أيضاً متجذرة بتعليم العشرات والآلاف من الطلبة العرب في جامعاتنا في كل عام، ويشرفني أن الطلبة من المغرب ومصر والأردن والعراق ولبنان والجزائر وليبيا وتونس درسوا في أوكرانيا…”، إذاً أنني مدرك أن هذا التجاهل من قبل زيلينسكي، كما لو أن لا وجود لبشار الأسد في القاعة نهائياً..
إلى أي مستوى أوصل بشار الأسد سورية وشعبها، الأمر الذي جعل الرئيس الأوكراني يتعمد عدم ذكر اسم سورية في سياق إشارته للدول التي أوفدت طلابها للدراسة في معاهد وجامعات أوكرانيا، سواء كان ذلك زمن الاتحاد السوفييتي أو ما بعده وحتى اليوم، فلم” يشرف” السيد زيلينسكي ذكر البلد(سورية) الذي يرأسه، ولو شكلياً، حليف عدوه الأول فلاديمير بوتين، إذ لم يكتف هذا الحليف (بشار الأسد) بما ارتكبه بحق سورية وشعبها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في تأييده للخطوات العدائية والعدوانية التي ارتكبها الرئيس الروسي بحق دولة آمنة مستقرة-أوكرانيا- عندما أقدم على خطوة ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، ووصولاً إلى الغزو الواسع للأراضي الأوكرانية في 24 شباط العام الفائت ولايزال الغزو مستمراً، ورغم أن أغلبية دول العالم أدانت واستنكرت هذا الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية ومنها من دعم لوجستياً ومادياً وسياسياً ومعنوياً أوكرانيا من أجل تحرير أراضيها من المحتل الروسي، إلا أن بشار الأسد، لم يكتف بتأييد هذا الغزو، بل ذهب إلى أبعد من ذلك باعترافه بـ”الاستقلال” المفبرك لدونيتسك ولوغانسك الأوكرانيتين.
إن موقف نظام الأسد من الخطوات العدائية الروسية ضد أوكرانيا، جاء متنكراً وناكراً للجميل الذي صنعته أوكرانيا لسورية الوطن، عبر أكثر من ستة عقود، حيث خّرجت آلاف الطلبة السوريين من معاهدها وجامعاتها، الذين لعبوا دوراً كبيراً في إدارة وتسير عمل المؤسسات الحكومية، إلى جانب تخريج أغلبية مدرسي ومعلمي أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية..
تجدر الإشارة إلى أن جميع الدول العربية التي كان للرئيس الأوكراني شرف ذكرها، فإن نسبة طلبتها الكلي لا تشكل سوى ما بين 10-20% أو أقل بقليل من عدد الطلبة السوريين الذين تخرجوا من أوكرانيا، وصاحب هذه السطور واحد منهم، حيث تشير أحصائية شبه رسمية إلى أن 14000 ألف طالبة وطالباً سورياً تخرج من أوكرانيا حتى صيف عام 1994.
أوكرانيا الدولة والشعب علمونا و درسونا وأطعمونا وآوونا و تعاملوا معنا بكل رقي وإنسانية، ادخلونا إلى بيوتهم وأكرمونا، و أستطيع القول من تجربتي الخاصة أن الشعب الأوكراني العظيم من أكرم شعوب المعمورة، وقد لمس ذلك بالفعل كل من درس في أوكرانيا، مع الإشارة إلى أن العديد من الطلبة السوريين لايزال يعيش فيها وتزوج من بناتها وحمل جنسيتها، وما يؤسف أن بعضهم من موالي نظام بشار الأسد من دون خجل أو حياء….
لا ننكر أن روسيا في الحقبة السوفيتية قامت بذات الدور الذي لعبته أوكرانيا في تعليم وتدريس السوريين، فكان من الطبيعي على رأس النظام في سورية على الأقل أن يقف على الحياد أو أن لا يؤيد ويساند ويدعم هذه الخطوات العدائية لنظام بوتين بحق أوكرانيا وشعبها، بمعنى كان ينبغي أن يكون فاعل خير أو يصمت، ولكن بكل تأكيد ليس ذلك من شيمه وليس بمقدوره لعب هذا الدور، فمن دمر بلده وهجر شعبه، يهون عليه ما يحصل في مكان آخر..
لقد تنكر بشار الأسد للحفاوة والتكريم الذي قُوبل به والده عندما زار مدينة كييف أثناء التوقيع على اتفاقية الصداقة والتعاون ما بين الاتحاد السوفييتي وسورية عام 1980، وأهدي له حينها ذاك مفتاح المدينة، التي عادت واستقبلته هو بشار نفسه في عام 2010، إلى أن وصلت الأمور إلى الحد الذي دفع أوكرانيا لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد العام الماضي، ومن ثم فرض عقوبات على بشار الأسد ورئيس حكومته ووزير خارجيته لمدة تصل لعشر سنوات وشملت تجميد الأصول والقيود على العمليات التجارية وتعليق الالتزامات الاقتصادية والمالية.
فأي معتوه ابتليت به سورية، التي باتت في وضع لا تحسد عليه، ولا شعبها كذلك.
يبدو أن الكرسي أعمى بصرأً وبصيرة في السياسة الدولية، كما أعمى في التعامل مع بلده وشعبه الذي هجره وشرده… فجاءت الصفعة من الرئيس زيلينسكي، الذي أجزم أنه له الشرف في الصداقة مع الشعب السوري الحر، إذ لم يفوته في الدقيقة 6,50، من كلمته الإشارة إلى معاناة سورية وليبيا جراء الحرب، وإن كنا لسنا في وارد الدخول في تفاصيل ذكر الجهة المسببة لهذه الحرب، وهو على يقين مطلق أن نظام الأسد هو السبب في كل ذلك…
وما الحديث عن نزع بشار الأسد لسماعات الترجمة، لحظة حديث زيلينسكي عن الاحتلال الروسي وما فعله في سورية، فهذا بعيد عن الحقيقة، فبشار الأسد ومرافقوه لمؤتمر القمة جميعهم يتقنون اللغة الإنكليزية وليسوا بحاجة لسماعات ترجمة….وبسماعات أو من دونها فقد اسمعهم زيلينسكي بما يكفي عن الاحتلال الروسي والدور الإيراني، ولم يوفر في كلمته حتى بشار الأسد نفسه من دون أن يسميه..
فكل التحية والتقدير لهذا الزعيم الوطني الذي يحمل هم بلده وشعبه، متنقلاً من مكان لآخر، كي يسلم رسالته باليد، حول ما تعرضت وتتعرض له بلده وشعبه..
فالزمان هو الزمان، ولكن ليس كل الرجال رجال…

أدناه الفيديو لكلمة الرئيس الأوكراني مترجمة للغة العربية

شاهد أيضاً

بوليفيا تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.. وتشيلي وكولومبيا تستدعيان سفيريهما للتشاور

أعلنت وزارة الخارجية في بوليفيا،  الثلاثاء، أن الحكومة قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل متهمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *