قواعد عسكرية لنظام الأسد في لبنان…مواقع استراتيجية يُمنع الوصول إليها

عاد ملف القواعد العسكرية الفلسطينية المنتشرة على الأراضي اللبنانية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرّك حركة “حماس” جنوباً وقصف الصواريخ على الداخل الإسرائيلي، نسبةً الى الخطورة المحتملة لهذه المواقع العسكرية “الغامضة”، والتي تتضارب المعلومات حول حقيقة ما يجري داخل أسوارها، وما إذا كان الوجود العسكري فيها فاعلاً، أو رمزياً.

وفي هذا السياق، تقدّمت “#الجبهة السيادية” بإخبار قبل أيام ضد حركة “حماس” على خلفية هجومها الصاروخي، وتطرّقت خلاله إلى هذه القواعد، والتي قُدّر عددها بـ11 قاعدة، وفق إعلان الجبهة نفسها، مشيرةً إلى أن هذه القواعد موجودة خارج المخيّمات الفلسطينية، مشددةً على وجوب تحمّل الدولة مسؤولياتها تجاهها، نسبةً لخطورتها.

إن وجود هذه القواعد ليس جديداً، بل يعود إلى حقبة الحرب الأهلية والاجتياج الإسرائيلي لبيروت، وتقع تحت قيادة #الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة أو فصائل فلسطينية أخرى، وتعرّضت لغارات إسرائيلية متكرّرة حتى الانسحاب في العام 2000. منذ ذلك الحين، غابت هذه القواعد نسبياً عن الشاشة، وخفت دورها العسكري الظاهر والمباشر، باستثناء تلك الواقعة في قوسايا، التي نُسبت إليها أدوار إلى جانب #النظام السوري في حربه ضد المعارضة، وقد قصفتها إسرائيل عام 2019.

ومن الضروري الإشارة إلى أن هذه المواقع التي تتخذ لنفسها صفة “مقاومة إسرائيل”، وترفع العلم الفلسطيني، هي في الواقع سورية الهوية، لأن الجهة المسؤولة عنها، أي الجبهة الشعبية، يربطها تحالف وثيق جدّاً مع النظام السوري، وكانت في السابق بقيادة #أحمد جبريل، الذي اتخذ من دمشق مقرّاً له ودعم بشار الأسد في حربه ضد السوريين. وتؤتمر هذه القواعد بقرار سوري.

من غير المعلوم حقيقة الدور العسكري الحالي لهذه المواقع نسبةً الى تضارب المعلومات، وفي حين يتحدّث متابعون للملف عن حضور عددي كبير لعناصر “الجبهة الشعبية”، وتواجد سلاح متوسّط وثقيل بكمّيات كبيرة، يُشير آخرون إلى أن دور هذه القواعد رمزي، وأعداد المسلّحين متواضعة فيما مهامهم محصورة بحراسة الموقع لا أكثر.

أما عن مواقع هذه القواعد، فإن القاعدتين الأبرز تقعان في الناعمة وقوسايا، والموقعان تحت سلطة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة العامة.

ماذا يروي الأهالي عن هذه القواعد؟

مصادر أهلية في منطقة الناعمة تقول إن أعداد المسلّحين قليلة نسبياً مقارنة بالحضور في وقت سابق، وهم فلسطينيون وسوريون، لكنها تُشير إلى أن أهالي المنطقة لا يعرفون بالتحديد موجودات هذه المخيّمات والأدوار التي تقوم بها الجبهة الشعبية، لأن الأهالي ممنوعون من الاقتراب من المنطقة “العسكرية” بفعل وجود حاجز للجيش، وتذكّر المصادر باحتراق معمل “كونكورد” قبل فترة، وحينها مُنعت سيارات الإطفاء من سلوك طرقات قريبة من الموقع.

وتلفت في حديث لـ”النهار” إلى أن في المنطقة عدداً من الأنفاق التابعة لهذا الموقع العسكري، أهمها النفق الممتد من القاعدة إلى دير الناعمة، والأنفاق الأخرى التي تصل إلى الجبل، وبالتحديد منطقة بعورتة والدامور، والجدير بالذكر، إن هذه الأنفاق محصّنة بشكل متين، ولم تتأثر رغم الغارات الإسرائيلية التي تعرضت لها، وهي موجودة حتى اليوم.

وتُشير المصادر إلى أن “التنسيق يتم بين قيادة هذا الموقع ومخابرات الجيش، وثمّة حاجز للجيش قبل حاجز الجبهة الشعبية على الطريق المؤدّي إلى القاعدة، يمنع وصول المواطنين العاديين، ويطلع على ما يدخل وما يخرج، علماً ألا حركة غير اعتيادية في المحيط، ولا مضايقات يقوم بها العناصر المسلّحون الذين يتجوّلون عادةً في المنطقة بشكل اعتيادي وطبيعي.

أين تكمن خطورة هذه المواقع؟

عضو “الجبهة السيادية” ورئيس حركة “التغيير” إيلي محفوض يُشير إلى أن “هذه القواعد العسكرية منتشرة في عدد من المناطق اللبنانية خارج المخيّمات الفلسطينية، وأخطرها قاعدتا الناعمة وقوسايا، نسبةً لموقعيهما الاستراتيجي، فالأولى نقطة وصل بين الجنوب وبيروت والجبل وتُطل على المطار، والثانية عند سلسلة جبال لبنان الشرقية، ونقطة وصل أيضاً بين لبنان و#سوريا، كما نسبةً الى وجود الأنفاق تحت الأرض في القاعدتين”.

وفي حديث لـ”النهار”، يلفت إلى أن “مختلف هذه القواعد، وبالتحديد قاعدتي الناعمة وقوسايا، تحتويان على كميات كبيرة من السلاح، ويحضر فيها عدد كبير من المسلّحين، وفي وقت سابق، أغار الجيش الإسرائيلي على قوسايا في العام 2019، وكان يُغير على الناعمة قبل العام 2000”.

ويُشير محفوض إلى خطورة هذه المواقع، خصوصاً وأن دورها الفعلي مجهول، وقد يكون ثمّة تحضير لمقاتلين ينتمون إلى تنظيمات موالية للجبهة الشعبية والنظام السوري، كما قد يكون ثمّة تحضير لصواريخ ومتفجّرات، إضافة إلى وجود السلاح الثقيل والراجمات، وهذا ما تُشير إليه تقارير صحافية متعدّدة المصادر أيضاً، ويعتبرها محفوض “قنبلة موقوتة” قد تنفجر بقرار سياسي، كما كادت أن تنفجر جبهة الجنوب بصواريخ “حماس”، بالقرار السياسي نفسه.

ويلفت محفوض إلى أن قرار استمرار هذه القواعد أو انهاء وجودها سياسي بامتياز، مع العلم أن الخطأ بدأ في العام 2005، حين لم يُربط موضوع الانسحاب السوري من لبنان بإقفال هذه المواقع العسكرية، وكان من المفترض أن ينسحب عناصر هذه القواعد ويُسلّموا سلاحهم توازياً مع إنسحاب الجيش السوري.

النظام السوري لا يُريد إقفال هذه المواقع

العميد المتقاعد خليل الحلو ينطلق من المنظور السياسي نفسه ليذكّر بطاولة الحوار التي عُقدت في عهد رئيس الجمهورية ميشال سليمان، حين اتخذ قرار بإنهاء هذا الوجود الفلسطيني المسلّح، لكن ذلك لم يحصل، لسبب رئيسي، وهو أن النظام السوري لا يُريد إقفال هذه المواقع العسكرية، لأنها تابعة له بشكل مباشر، وفيها عدد من المجموعات المسلّحة تحت أسماء مختلفة، موالية له.

وفي حديث لـ”النهار”، يُشدّد على وجوب اتخاذ السلطات اللبنانية قراراً بمعالجة هذه القواعد التي تنتهك سيادة لبنان، خصوصاً وأن السلطة الحالية تدّعي الصداقة وحُسن العلاقة مع النظام السوري، ما يعني أنها قادرة على مفاتحته بالموضوع إلى جانب ملف النازحين، لأنها مصدر عدم استقرار أساسي، وكانت تتسبّب في غارات إسرائيلية، كما من الممكن تحريكها لأسباب إقليمية لا علاقة للبنان فيها، كما حصل مع إطلاق صواريخ “حماس” جنوباً.

ويُشاطر الحلو محفوض الرأي، ويُحذّر من موجودات هذه القواعد، ويلفت إلى أنها مواقع تقع في مناطق استراتيجية، قد يكون فيها كميات كبيرة من السلاح وأعداد من المسلّحين، وقد تُستخدم لأغراض عسكرية تهدّد سلامة لبنان واللبنانيين

هل من علاقة لـ”حماس”؟

على المقلب الآخر، ينفي مسؤول القوة المشتركة الفلسطينية في مخيم عين الحلوة العقيد عبد الهادي الأسدي أي علاقة لحركة “حماس” بهذه القواعد، ويلفت إلى أنها “تابعة بمجملها إلى الجبهة الشعبية المذكورة سلفاً، ولا صلة للحركة بكل ما يحصل داخلها”.

ومن المرجح أن ينخرط أي تحرك ميداني لـ”حماس” في لبنان راهناً في إطار “حرب الظل” القائمة من جبهات متعددة مع اسرائيل، بشكل غير علني تماماً، كما حصل حين لم تؤكد الحركة ولم تنف إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، لكن المعلومات الاستخبارية تقاطعت عند هذا معطى مسؤوليتها، تزامناً مع معلومات أوردتها “وورل ستريت جورنال” عن اجتماع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اسماعيل قآاني بقيادات من “حماس” و”#حزب الله” في بيروت قبيل عملية إطلاق الصواريخ.

ويُشير الأسدي لـ”النهار” إلى أن وجود هذه القواعد رمزي، ويُشدّد على ألا حضور لأعداد من المسلّحين ولا وجود لكميّات من السلاح، كما ينفي تجهيز الصواريخ والقنابل داخل هذه المواقع، ويذكّر أن الجيش يعلم بهذه القواعد وما يحصل داخلها، ما يؤكّد عدم وجود أي دور عسكري لها.

بغض النظر عن حقيقة الدور الذي تؤدّيه هذه القواعد العسكرية في الحين، إلّا أن خطر وجودها يبقى قائماً، لأنها بيئة خصبة لانطلاق أي عمل عسكري محتمل، ولأن هويتها وأوامر تحرّكها تصدر عن النظام السوري بشكل مباشر، وفي حال كان دورها رمزياً اليوم وكان عناصرها قلّة، فما من مانع لأن يكون دورها محورياً في حال توفّر قرار سياسي من خارج الحدود، خصوصاً وأن قرار السلم والحرب بيد “حزب الله” حليف النظام السوري، وليس الحكومة والجيش.

قاعدة قوسايا العسكرية.

المصدر : موقع “النهار” اللبنانية

شاهد أيضاً

بوليفيا تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.. وتشيلي وكولومبيا تستدعيان سفيريهما للتشاور

أعلنت وزارة الخارجية في بوليفيا،  الثلاثاء، أن الحكومة قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل متهمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *