أسس حل للأزمة السورية

كتب علي حسين العلي

صورة تعبيرية

تحفل وسائل الإعلام العالمية ولاسيما العربية منها، بالحديث عن مبادرة عربية لحل الأزمة السورية الممتدة منذ عام 2011 ميلادية، الأمر الذي يؤكد أهمية عودة الدولة السورية إلى ممارسة دورها الفعال في الحياة العربية بحكم حيوية شعبها وإخلاصه في القيام بواجباته تجاه أبناء الأقطار العربية جميعها حرصا على التعاون ووحدة المواقف وحماية المصالح الاقتصادية والسيادة في إطار بناء حضارة متطوّرة ببعدها الإنساني الذي عرفت به عبر التاريخ.  

 وإذا كان الوضع السوري قد دخل في مرحلة من.         الاضطراب والقلق منذ الحراك الشعبي الذي رفع شعار الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية و إلغاء الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية والتي حدّدها في ما بعد إعلان دمشق للتغيير الوطني والديمقراطي و تضمنت النقاط الأساسية التي ترسم الخطوط الواجب التزامها لعملية التغيير الديمقراطي في سورية، وهذه النقاط هي التي كانت محور المفاوضات التي تمت بين النظام القائم والمعارضة والذي كلّف بتمثيل النظام فيها فاروق الشرع الذي كان نائباَ لرئيس الجمهورية( بعد انشقاق عبد الحليم خدام) ومعه بثينة شعبان مستشارة الرئيس بشار الأسد..

والمعروف أن اتفاقاَ أولياَ تمّ بين النظام والمعارضة، في بداية اندلاع الثورة، وأحدث تفاؤلا بالوصول إلى حلٍّ يُنقد البلد من أشكالاتٍ كبيرةٍ قادمة!(١.) لكن النظام و بقرار من رئيسه رفض الاتفاق وجمّد عمل فاروق الشرع و استدعى الحرس الثوري الإيراني ومع الميليشيات الإيرانية وفي مقدمتها حزب الله اللبناني والقوات الروسية لمساعدته مع منح روسيا قاعدتين عسكريتين  جوية وبحرية على ساحل المتوسط  باتفاق يسلب السيادة السورية فيهما، وضمن حراك القوات الروسية لمدة خمسين عاما مع توسيع دور إيران و أذرعتها في مقاومة الحراك الشعبي (المعارض) إضافة إلى اجتماع الأسد بوزير خارجية روسيا لافروف ومعه رئيس  الاستخبارات العسكرية الروسية، الذين شرحا له طريقة إفشالهم للحراك الشعبي الشيشاني بفضل قمعهم العسكري الشديد، وهو ما يجب اتباعه في سورية.  

وقد تم بعد ذلك وبتوجيهات من بشار الأسد اجتماع بين رئيس المخابرات الروسية مع رئيس مكتب الأمن الوطني السوري الذي يرأسه اللواء علي المملوك وشرح فيه طريقة إخماد الحراك الشعبي على ضوء تجربتهم مع الشيشان.

ولعلنا هنا نذكر ما إعلنه  رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المنشق في بيان انشقاقه بهذا الشأن على شاشة تلفزيون “العربية” والذي ذكر فيه اجتماعه مع الرئيس بحضور كل من فاروق الشرع ومحمود الأبرش( رئيس مجلس الشعب الأسبق) ومحمد سعيد بخيتان ( الأمين القطري المساعد السابق) والذين اكدوا على معالجة الحراك بالسياسة السلمية والحوار، وهو ما لم يوافقهم عليه بشار الأسد وأعلمهم بترك هذا الأمر له وحده دون تدخلهم.

 وبعد فإنّ ما يدور من شان وضع مبادرات لحلَّ للأزمة السورية يلاقي قبولا عند غالب الأطراف العربية، بما فيه السوريون في الداخل والخارج لكن الاختلاف في تفاصيلها مايزال كبيرا، عند غالبية الدول العربية لأسباب متداخلة بين عدم معرفة أسباب الأزمة وطرق التعامل معها أو الجهات التي تقود المعارضة وأهدافها ،إضافة إلى تشابه بين النظام السوري في لا ديمقراطيتة وبعض الدول التي يجري التطبيع بينه وبينها..
أنّ ما وصلت إليه الحالة السورية تستدعي كثيرا من الدراسة والتفكير السياسي الحكيم ،لأنّ ما يجري في سورية حاليا من تحكّمِ أمني بفصائل  بغالبيتها ذات لون طائفي تعصبي مهتم بجمع اكبر قدر من المصالح الخاصة، هو أمر غير معهود في الحياة السورية المدنية والمتعايشة بجميع الطوائف فيها و مكوناتها بالرغم من الغالبية العربية والمسلمة فيها.

لقد عرفت سورية بأنها بلد التسامح والتعايش والأخوة المواطنيه، ولعل حاكمها الحالي (الطبيب) يفكر ملياَ في طريقة خلاصه وخلاص  سورية أيضا.

*كاتب سوري مستقل



تنويه من الكاتب : في حديث مع ميشيل كيلو ( رحمه الله)  وقبل مغادرته لبلده هربا ،أعلمني انّ بثينة شعبان أعلمته أثناء خروجها من قاعة اجتماعات المفاوضات في مجمع صحارى التابع لاتحاد العمال على مدخل دمشق الغربي أن فاروق الشرع أخطأ خطأَ كبيرا عند موافقته على طريقة الحل عن طريق الحوار، وأن بشار الأسد لن يوافق عليه، وأضافت أن الشرع قد انتهى، وهذا فعلا ما حصل..

شاهد أيضاً

عن الاصطفاف الأميركي- الأوروبي مع إسرائيل

خطار أبودياب شكلت مفاجأة تخطي جدار غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منعطفا في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *