شوقي..شاعر السلطان الأحمر؟!

ملكون ملكون–السويد:

عبر تاريخ الشعر كانت فئة كبيرة من الشعراء تعيش على مدح الحاكم وإضفاء صفات مبالغ فيها كثيراً عليه، ولو تعمقنا في صفحات الأدب العربي لوجدنا من هذه النماذج الكثير الكثير .
احمد شوقي أمير الشعر العربي يعدّ واحداً من أهم الشعراء الذين تغنّوا بالرابطة الإسلامية في ظل خلافة بني عثمان، لذا لا نستغرب أن يضفي صفة التقديس على السلطان عبد الحميد الذي بلغت الخلافة في عهده ذروة ضعفها، فيقول بعدما نجا السلطان من محاولة اغتيال عام 1905 :
هنيئاً أميرَ المؤمنين فإنما نجاتك للدين الحنيف نجاةٌ
هنيئاً لطه والكتاب والأمة بقاؤك إبقاءٌ لها وحياة
هنا نرى خلط الشاعر بلا مبرر بين الدين والسلطان عبد الحميد فيجد في نجاته من الموت نجاة للدين نفسه، لكن احمد شوقي يبالغ فيرفع عبد الحميد الى مرتبة لا نظير لها، لعلها مرتبة الأنبياء أو ما يفوقها. فيعتبره إنسان مقدس يسير إليه البيت الطاهر، وتطلب المساجد الصفح خاشعة :
ومن يمُ في برد النبي وثوبه تجزْهُ إلى أعدائه الرمياتُّ
يكاد يسير البيتُ شكراً لربه إليك، ويسعى هاتفاً عرفاتُ
وتسترهب الصفح المساجدُ خشّعاً وتبسط راح التوبة الجُمعات
هذه هي الديكتاتورية المغلّفة برداء الدين، والدين براء من ذلك، فلقد توخى أحمد شوقي إصلاح حال المسلمين، وبدلاً من مناقشة مشاكل الأمة ينور العقل الهادىء، اندفع في رفع شخص طاغية إلى مرتبة التقديس.
ومن المعروف أن السلطنة كانت تضم أجناساً متناقضة من الشعوب، كالعرب والأرمن واليونان والبلغار، وهذه الشعوب يطالب شوقي قهرها ويعتبره نوع من التأديب لأن مطالبتهم بحقوقهم يقارب الكفر :
بسيفك يعلو الحق والحق أغلبُ ويُنصر دين الله أيّان تضربُ
فأدبّ به القوم الطغاة فإنه لنعْمَ المربي للطغاة المؤدبُ
هكذا كان امير الشعراء احمد شوقي شاعراً في بلاط السلطان الأحمر، يقّدس السلطة لأنها من الله، ويخنق الحريات، ويضهد الجماعات المغلوبة والأقليات المقهورة، وبالمقابل كانت ثلة من الشعراء الذين انتقدول دولة بني عثمان واعتبروها استبداداً مغلفاً برداء ديني مزيف، ومن هؤلاء نذكر ( ابراهيم اليازجي، جميل صدقي الزهاوي، معروف الرصافي، بشارة الخوري، ولي الدين يكن، خليل مطران، ورشيد سليم الخوري).
ولعلنا نجد من حولنا الكثير من الشعراء والادباء هذه الايام الذين يزينون ويضفون بريقاً على صورة حكاماً أوغلوا في دماء شعوبهم ودفعوا بهم لشتات الأرض يقتاتون ذكرياتهم في أوطان باتت مُضاعة وأصبحت كحلمٍ قصيٍّ لا يلامسونه إلا في أحلام ستبقى أحلاماً لطالما وجد الطغاة من يشرّعن ظلمهم وطغيانهم .

شاهد أيضاً

نقاش سوري حول دعم فلسطين؟!

د. مروان قبلان لم أتوقّع أن يأتي يومٌ يضطر فيه المرء إلى خوض نقاش بشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *