مطارا حلب ودمشق معطلان “بسبب طائرة إيرانية”… وتغيير شكليّ في الردّ السوري

مدرج مطار حلب.(أب)

في ليلة واحدة، كان رمزان من رموز السيادة السورية، وموقعان حيويان، سياسياً وتجارياً، هما مطار حلب التجاري الدولي ومطار دمشق الدولي، يتعرضان لقصف إسرائيلي خلّف اضراراً جسيمة أدت إلى خروجهما عن الخدمة كلياً للأول وجزئياً للثاني. وفي الوقت الذي استعرضت فيه وزارة الخارجية السورية حصيلة الأضرار التي لحقت بالمطارين في رسالة وجهتها إلى الأمم المتحدة، كان الغموض لا يزال يخيّم على مصير الطائرة الإيرانية التي قيل أن الصواريخ الإسرائيلية كانت تطاردها لمنعها من الهبوط في أحد المطارين، للحيلولة دون تفريغ الحمولة التي كانت على متنها والتي يعتقد أنها شحنة عسكرية متطورة.

وتعرّض مطارا حلب ودمشق، مساء الأربعاء الماضي، لضربتين جويتين متتاليتين لا تفصل بينهما إلا أقل من ساعة ونصف ساعة، حيث بدأت الصواريخ باستهداف مطار حلب الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، قبل أن يتعرض مطار دمشق لاستهداف مماثل مع حلول الساعة التاسعة و20 دقيقة مساءً. ولم ترد على الفور معلومات دقيقة عن حصيلة الأضرار التي لحقت بمطار حلب بينما تجنبت التقارير الأولية الحديث عن أية أضرار لحقت بمطار دمشق وجرى التركيز على أن الضربة وقعت في محيطه وليس بداخله.

وعن أسباب الهجوم الإسرائيلي المزدوج على مطارين سوريين في وقت واحد، ذكرت بعض التقارير أن الهدف كان طائرة إيرانية تابعة لشركة “ماهان إير”، كانت تستعد للهبوط في مطار حلب وعلى متنها، إما شحنة أسلحة متطورة أو شخصية قيادية كبيرة في “الحرس الثوري” الإيراني، وأن القصف الإسرائيلي منع الطائرة من الهبوط في مطار حلب ما دفعها لتغيير مسارها نحو مطار دمشق حيث طاردتها الصواريخ الإسرائيلية هناك.

ويبدو أن هذا الاستهداف المزدوج لموقعين حيويين يحملان رمزية سيادية لا يمكن الاستهتار بمدلولاتها، ما اضطر وزارة الخارجية السورية إلى تغيير نهجها في التعاطي مع الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة، والتي كان آخرها قبل أقل من أسبوع في مدينة مصياف، وتبعاً لذلك، نشرت وكالة “سانا” الرسمية تصريحات لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد تضمنت نفساً جديداً في خطاب الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية. وقال المقداد إن “كيان الاحتلال الإسرائيلي يلعب بالنار ويعرض الأوضاع الأمنية والعسكرية في المنطقة للتفجير… إن سورية لن تسكت في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وسيدفع الإسرائيليون الثمن عاجلاً أم آجلاً” بحسب المقداد.

ومن غير الواضح ما إذا كان نشر هذه التصريحات قبل أن تقوم الدبلوماسية السورية بإجرائها المعتاد المتمثل في توجيه “رسالتين متطابقتين” إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، يشير بالفعل إلى تغيير حقيقي في السياسة السورية أم فرضته التسريبات التي تحدثت قبل أسبوع عن أن الرئيس السوري بشار الأسد طلب من حلفائه في محور المقاومة الامتناع عن الرد على الغارات الإسرائيلية، في محاولة على ما يبدو لإبقاء خيار الردّ احتمالاً وارداً. وفي كل الأحوال، رأى مراقبون للمشهد السوري أن هذا التغيير هو مجرد تغيير شكلي ولا يعبر عن رغبة حقيقية في تصعيد الموقف أو الخروج من عباءة المواقف السورية السابقة التي كانت تكتفي بالتنديد والاستنكار.

وجاء في الرسالتين المتطابقتين تفاصيل جديدة عن الأضرار التي خلفتها الضربات الإسرائيلية الأخيرة، حيث ورد فيهما “أن إسرائيل شنت عدواناً جوياً على مطار حلب التجاري الدولي أدى إلى إصابة المدرج بأضرار جسيمة تسببت بخروجه عن الخدمة وتدمير محطة المساعدات الملاحية وتجهيزاتها بالكامل وخروجها عن الخدمة”.

وأضافت أن طائرات حربية إسرائيلية قامت أيضاً “بعدوان جوي بعدد من الصواريخ من اتجاه بحيرة طبريا شمال فلسطين المحتلة استهدف بعض النقاط جنوب شرقي مدينة دمشق بما فيها مطار دمشق الدولي، حيث أدى هذا العدوان إلى وقوع خسائر مادية من ضمنها تدمير محطة المساعدات الملاحية وجهاز قياس المسافات في مطار دمشق الدولي وخروجها كلها عن الخدمة”.

وقالت الخارجية في رسالتها إن “الاحتلال يتحمل المسؤوليات القانونية والأخلاقية والسياسية والمالية عن استهداف مطاري دمشق وحلب الدوليين بشكل متعمد وعن تعريض المرافق المدنية للتهديد والتخريب وحياة المدنيين للخطر”.

وكانت وكالة “تسنيم” الإيرانية قد نقلت عن مصدر ميداني تفاصيل الضربتين الإسرائيليتين، وقالت في تقرير “إنه قبيل الساعة الثامنة من ليل الأربعاء 31 آب (أغسطس) 2022 هبطت طائرة في مطار حلب الدولي وقام الصهاينة في رد فعل على هذا الأمر وفي تصرف انفعالي باستهداف مدرج هذا المطار، في حين هذه الطائرة كانت قد هبطت قبل 10 دقائق في المطار.

وأضافت، أنه بعد انتهاء القصف الصاروخي غادرت الطائرة المذكورة مطار حلب الدولي باتجاه دمشق وعاود الصهاينة إطلاق الصواريخ باتجاه مطار دمشق رداً على هذا الأمر، في حين كانت هذه الطائرة قد هبطت قبل ذلك في مطار دمشق.

وكانت معظم التقارير الإعلامية السورية، بما فيها تقارير مواقع معارضة، قد ركزت في تغطيتها على استهداف مواقع تابعة للفرقة الأولى في منطقة الكسوة غرب دمشق، مع الإشارة إلى استهداف موقع قريب من مطار دمشق الدولي، بل إن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أكد أن الموقع المستهدف يبعد بضعة كيلومترات من المطار.

وحدث لغط واسع حول الطائرة الإيرانية المستهدفة والتي تسببت بقصف مطاري دمشق وحلب، حيث جرى التداول على مواقع التواصل الاجتماعي لمخطط رحلة جوية لطائرة تتبع خطوط “ماهان إير” الإيرانية كانت تحلق في سماء سوريا أثناء القصف الإسرائيلي الذي استهدف مطار دمشق وحلب مساء الأربعاء الماضي.

وقيل إن هذه الطائرة كان من المفترض أن تهبط في مطار حلب، وغيرت مسارها إلى مطار دمشق الدولي، وأنها تسببت بالقصف الإسرائيلي.

في المقابل، تم تداول معلومات أخرى مفادها أن طائرة “ماهان اير” لم تكن هي المستهدفة في القصف الجوي، وتضمنت المعلومات ما يوثق أن هذه الطائرة مدنية مخصصة لنقل ركاب سوريين وإيرانيين وتعمل بشكل رسمي ونظامي.

وكان الهدف هو طائرة شحن إيرانية تتبع لشركة “yas air cargo” الخاضعة للعقوبات الغربية، والمرتبطة بـ”الحرس الثوري” الإيراني، وفق ما ذكر موقع “صوت العاصمة” في تقرير، يوم أمس الخميس.

وهذه الطائرة محجوبة البيانات عبر مواقع الملاحة الجوية، وتظهر لدقائق معدودة في كل رحلة من رحلاتها، وقد ظهرت مرتين قبيل القصف بوقت قصير، مرة فوق منطقة القلمون ومرة في محيط ريف حلب، خلال طريقها إلى المطار.

وعن مصير الطائرة بعد جولتي القصف والمطاردة الجوية، نفت مصادر من داخل مطار دمشق الدولي “هبوط أي طائرة تحمل شحنات عسكرية في المطار”، وأكدت أن الطائرة المذكورة ابتعدت من الأجواء السورية خلال القصف الإسرائيلي واتجهت نحو العراق، وفق التقرير السابق نفسه.

المصدر : موقع “النهار العربي”

شاهد أيضاً

حروب الصورة والوردة الإسرائيلية

لا حدود لمظاهر الانحياز الفاضح للرواية الإسرائيلية ولجيش الاحتلال الإسرائيلي لدى كبريات وسائل الإعلام الغربية المقروءة والمسموعة والمرئية على حدّ سواء؛ خاصة تلك التي تزعم عراقة في التأسيس والتقاليد والمهنية العالية (مثل الـBBC البريطانية)، والكفاءة التكنولوجية الفائقة في مختلف جوانب التغطية المباشرة أو عن بُعد (مثل الـCNN الأمريكية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *