تحالف دولي وإقليمي لمواجهة الطيران المسير الإيراني قريبا

د. باسل معرواي

كتب د. باسل معرواي* ل”سوريتنا”


أحدث الطيران المسير ثورة في تكنلوجيا الطيران…عدا عن استعمالاته المدنية المتعددة..فانه أمنيا وعسكريا قلب بديهيات ومسلمات كان لايمكن التفكير بتغييرها…
حيث يعد هذا النوع من الطيران هو سلاح الفقراء مقارنة بين ثمن الطائرة المسيرة بدون طيار والتي قد لاتتراوح بضع آلاف من الدولارات وبين الطيران الحربي الكلاسيكي المعقد تكنلوجيا والباهظ الثمن والذي لايملك قدرة على تصنيعه الا بضع دول لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة
ونعلم جميعا أن للطيران المسير أنواع متعددة منه انتحاري يحمل كمية متفجرات توجه للهدف وتنفجر فيه (ولو كان على بعد مئات الكيلومترات) ومنه الاستطلاعي ومنه القاذف والذي يطلق حممولته على الهدف ويعود للقاعدة التي انطلق منها
مايهمنا ان عدة دول منخرطة بالصراع السوري والجوار الجغرافي تملك قدرات عالية لتصنيعه ومنها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وايران والسعودية والامارات في الخليج العربي…
أصبح مؤخرا يطلق تعبير الذئاب المنفردة على طائرة مسيرة تطير على مسافات ليست عالية وتصل لهدف أو أهداف وتدمرها دون خسائر بشرية من الطرف المهاجم ..ولم تعد الحاجة لتنفيذ الهدف تتطلب تجهيز عربات انتحارية أو أفراد يفخخون أنفسهم والانغماس مع الهدف…
هذه التقنيات وغيرها من التقنيات العسكرية بالعادة تمتلكها الدول لاستخدامها عسكريا من قبل جيوشها والتي تخضع لقيادات سياسية تعي وتقدر اين ومتى وكيف تطلقها
أو تبيع تلك المنتجات إلى دول أخرى وفق صفقات بين الدول وغالبا ما تفرض الدول المصدرة على المستوردة شروطا تقيد نوعا من من استخدامها أو بيعها لطرف ثالث دون اذنها ..والغاية من كل ذلك عدم وقوع تلك الأسلحة الخطيرة والسهلة الاستعمال بيد منظمات إرهابية أو ميليشيات متطرفة أو إلخ
الذي أقدمت عليه إيران في سابقة لم تقدم عليه غيرها من الدول أنها زودت ميليشياتها الدينية المرتبطة بالولي الفقيه والعابرة للحدود، والتي لاتعترف بالحدود الوطنية أو تقدر إبعاد ومخاطر استخدامها ضد دولة تعتبرها عدوة او من الضروري ارسال رسالة ساخنة إليها ..وفي كثير من الأحيان لاتعترف بمسؤوليتها عن ذلك ..بشكل يعفي إيران من أي مسؤولية تترتب على ذلك
لوحظ خلال العامين الماضيين ازدياد ملحوظ باستخدام إيران لذلك النوع من الاسلحة عبر ميليشياتها فكان قصف ميليشيات الحوثي من اليمن للمملكة مشهدا متكررا بالمسيرات أو عبر صواريخ بالستية…وكان من أهم المواقع التي أقدمت إيران على استخدام تلك الأسراب هي في إيلول 2019، عندما استهدفت منشآت آرامكو في المملكة العربية السعودية وقد قيل حينها ان الاسراب انطلقت من اليمن والعراق ايضا..وتم تعزيز الهجوم بصواريخ بالستية..وكان استهداف المواقع الأميركية في العراق وسورية أمرا لافتا ومقلقا لدول المنطقة كلها..كما شكل استهداف الملاحة البحرية في الخليج العربي عبر ضربات نوعية على السفن التجارية والناقلات النفطية مصدر قلق كبير ايضا بامكانية تعطيل الحرس الثوري الايراني لحركة الملاحة البحرية عبر مضيقي هرمز وباب المندب
ولاتستطيع شبكات الدفاع الجوي الحديثة او القبب الحديدية في الدول التي تتعرض لمخاطر استهدافها لاتملك الرادارات تقنيات كافية لكشفها ومن ثم اسقاطها ..ولم يتم تطوير نموذج فعال لحد الآن يتعامل مع ذلك النوع من الطيران
كانت المنطقة على استعداد لتوقع ضربات إيرانية في الآونة الاخيرة وذلك على وقع وصدى المفاوضات 5+1 الجارية في فيينا ..وعند وصول تلك المفاوضات الى حائط مسدود بسبب اصرار الولايات المتحدة على ربط اي إتفاق نووي باتفاق يحدث قبله على مستويبن…أولهما بحث ملف التمدد الإقليمي للميليشيات المرتبطة في الحرس الثوري وضرورة تفكيكها والمستوى الثاني البرنامج الصاروخي البالستي وبرنامج تطوير الطائرات المسيرة ومنع استخدامها
ومع الانسحاب الأميركي المرتبك من أفغانستان والمتوقع من العراق بنهاية العام ونظرا لكون العقوبات الاقتصادية الأميركية انهكت الدولة الايرانية واضعفتها وانعكس ذلك على نقص التمويل لاذرعها في المنطقة والتي تحاول سد جزء من نفقاتها عبر تهريب المخدرات وتصنيعها أيضا،
مغزى الهجوم الأخير على قاعدة التنف الأميركية
بتعثر فرص الوصول لإتفاق نووي وتزايد الأحاديث عن تفاهم أو تنسيق أميركي روسي في سورية سيكون حتما على حساب النفوذ الإيراني فيها..وما أعقب ذلك من تصريح للسفير الإسرائيلي بموسكو عن قرب عقد جولة ثانية على مستوى مستشاري الامن القومي في كل من أميركا وروسيا وإسرائيل غايته اتفاق الاطراف الثلاثة على مواجهة التواجد الايراني في سورية…وخسارة ميليشيا الحشد العراقية للانتخابات البرلمانية العراقية وابعادها عن السلطة والحكومة المقبلة ..وبسبب الهزات التي كسرت هيبة سلاح حزب الله اللبناني مؤخرا باحداث الخميس 14 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.. .وبسبب قرب عقد قمة إسرائيلية روسية في موسكو تتناول بمضمونها تنسيق الضربات الإسرائيلية على المواقع الايرانية وقد عبر الطرفان الروسي والإسرائيلي عن تفاهم كامل بينهما بعدما خيل للجميع ان قوة التنسيق بين البلدين تعود للعلاقة الحميمة ببن بوتين ونتنياهو…
وقبل ضربة التنف بيومين اقدمت طائرات F16 إسرائيلية عبرت الاجواء الأردنية ومرت من فوق قاعدة التنف واطلقت صواريخها على قاعدة إيرانية لتصنيع الطيران المسير وتوجيهه وتدريب الكوادر عليه..ويبدو أنها كانت ضربة قوية أصابت أهدافها..
إزاء هذا المشهد المتلاحق من الخيبات والنكسات التي تعتري محور إيران ..ولضرورة رفع معنويات جمهورها وايصال رسائل لدول المنطقة قامت إيران باضافة هدف أميركي جديد الى بنك اهدافها وةلذي لم يتعرص للاستهداف مسبقا..اقدمت ثلاث طائرات مسيرة إيرانية اقلعت من قاعدة الإمام علي بالنجف وطائرتان من قواعدةايرانية بدير الزور بالهجوم على قاعدة التنف (والتي تضم تواجدا لقوات بريطانية وفرنسية) مع اطلاق صواريخ ايضا…في رسالة إيرانية تصعيدية للكثير من الدول..
يرى كثير من المراقبين أن مشاورات جدية أمنية وعسكرية تدور بين دول المنطقة وخاصة إسرائيل وأميركا وروسيا لتكوين تحالف او غرفة عمليات أو شيىء مشابه لذلك للتصدي لهجمات المسيرات الإيرانية التي تتزايد كما ونوعا بمرور الوقت..
هذا ما يتكشف عنه الأيام أو الأسابيع المقبلة في ظل انحياز روسي واضح إلى جانب إسرائيل وضرب عرض الحائط بكل التعاون الروسي الإيراني في سورية وربما في المنطقة…إذ لم يعد ممكنا ان تلعب روسيا دور ورقة الجوكر الذي يطلبه ويحتاجه كل اللاعبين.

*كاتب سور ي

شاهد أيضاً

ما مصلحة السعودية من التطبيع مع إسرائيل؟

أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *