دراسة: ربع سكان دمشق يعيشون على حوالات المغتربين

 سلطت دراسة استقصائية صادرة عن «مركز السياسات وبحوث العمليات» الضوء على الواقع المعيشي لسكان العاصمة السورية دمشق، والصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الأهالي نتيجة الغلاء وتدني نسبة الدخل بالليرة السورية.
ومن خلال مشاركة 600 عائلة متوزعة على ثلاثة أحياء في دمشق، تعبر عن تقسيم الطبقات الاجتماعية، كشفت الدراسة التي أعدها الباحثان السوريان عروة خليفة، والدكتور كرم شعار، عن نسب «مخيفة» للفقر في دمشق، رغم أن المدينة تعد من أكثر المدن السورية التي تتوفر فيها فرص العمل.
ووجدت الدراسة المعنونة «العيش في دمشق: العمل، الدخل، والاستهلاك» والتي تسلمت «القدس العربي» نسخة منها، أن معدل ساعات العمل للعاملين في دمشق بدوام كامل الذي يصل إلى « 52,5 ساعة أسبوعياً» هو الأعلى في العالم، لكن مع ذلك تعيش 94 في المئة من عائلات المستجيبين تحت خط الفقر الدولي، والذي يُقدر 1،9 دولار يومياً للفرد الواحد.

               ” صعوبات اقتصادية يواجهها أهالي العاصمة نتيجة الغلاء وتدني نسبة الدخل ” 

والواضح أن أرقام الفقر ستكون أكبر بكثير في حال أجريت الدراسة في الأرياف السورية، التي لا تتوفر فيها فرص العمل، بالحجم الذي يتوفر في دمشق.
وبما يكشف درجة التدهور الاقتصادي والحاجة إلى المساعدات، أكدت الدراسة أن نسبة من أشاروا إلى أن المساعدات العينية والنقدية المقدمة من المنظمات الإغاثـية هي أحد مصادر دخلهم وصلت إلى نحو 42 في المئة.

الاعتماد على حوالات المغتربين

والمفارقة حسب الدراسة، أن الاعتماد على المساعدات لم يقتصر على أبناء الطبقة الفقيرة، وإنما امتد إلى الطبقة المتوسطة والمتوسطة الغنية، حيث قال نحو 38 في المئة من المستجيبين والمستجيبات في حي ركن الدين (حي غني نسبياً) إن المساعدات المقدمة من منظمات مدنية بشكل عيني أو نقدي تساهم في دخلهم.
ويعني ذلك، حسب الدراسة أن الفقر لم يعد حكراً على سكان الأحياء الفقيرة، بل طاول من يعيشون في مناطق وأحياء تعد كلفة الحياة فيها أعلى من غيرها.
كما أكدت الدراسة، انخفاض استهلاك معظم السلع الأساسية بين عامي 2018 و2020 مثل البيض ولحم الدجاج واللحوم الحمراء، مبينة أن ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة في مدينة دمشق خلال العامين المنصرمين أدى إلى تراجع الاستهلاك لدى الفئات الأعلى إنفاقاً أيضاً. وكذلك أشارت الدراسة إلى أن أكثر 20 في المئة من المستجيبين والمستجيبات لا يمتلكون «البطاقة الذكية» لافتة إلى أن الميل العام لآراء أفراد العينة هو عدم وجود تأثير كبير للبطاقة الذكية على تأمين احتياجاتهم الأساسية.
ووفق الأرقام التي نشرتها الدراسة، يعتمد أكثر من ربع سكان دمشق على حوالات الأصدقاء والأقارب خارج سوريا كأحد المصادر الرئيسية للدخل، موصية بضرورة أن تقوم الدول المُستضيفة للسوريين بتخفيف القيود على الحوالات المالية الفردية، خاصة بالنسبة للمبالغ الصغيرة والتي تعتبر مصدراً لدَخل الكثير من العائلات في البلاد. كذلك أوصت الدراسة، بأن تأخذ برامج المساعدات المقدمة للسكان توفير فرص عمل بعين الاعتبار، وليس فقط تأهيل أو إعادة تأهيل الأفراد للعمل، وذلك من خلال رعاية مشاريع منتجة تكون قادرة على استيعاب نسبة أكبر من العاملين في مدينة دمشق، وغيرها.

هل من حدود للتدهور الاقتصادي؟

والسؤال، إلى أي مدى يستطيع الأهالي تحمل الأوضاع المعيشية المتردية، وما الحد الذي يفصل البلاد عن المجاعة؟
وفي هذا الإطار، يقول الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط والخبير في الاقتصاد السوري الدكتور كرم شعار، وهو معد الدراسة، إن الفترة الممتدة بين نهايات العام 2019 ولعام 2020، سجلت مجموعة أزمات أدت إلى تدهور اقتصادي، بحجم تخطى كل التدهور الذي سجله الاقتصاد السوري في فترة الحرب. ويوضح لـ«القدس العربي» أن الأزمات هذه مرتبطة بتدهور العلاقة بين آل الأسد وأقاربهم آل مخلوف، وأزمة المصارف اللبنانية، وتشديد العقوبات الغربية وتطبيق قانون عقوبات «قيصر» الأمريكي، إلى جانب تداعيات «كورونا» إضافة إلى زيادة معاناة إيران الاقتصادية.
وبعد استعراض الأزمات التي لحقت بالاقتصاد السوري، يرى شعار أن الأزمة الاقتصادية الخانقة قد انتهت نسبياً، مضيفاً: «باعتقادي سيستطيع النظام السوري، امتصاص الصدمات، بحيث بدأنا نشاهد مؤخراً ثباتاً بسعر صرف الليرة السورية، أمام الدولار». كذلك، لا يمكن إغفال الانفتاح على النظام السوري من بعض الدول الأخرى، ومنها دول خليجية، والعراق، والأمر الأهم أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لا تبدو متحمسة لفرض عقوبات جديدة على النظام، وفق شعار الذي اختتم حديثه لـ«القدس العربي» بالتأكيد على أن الوضع الاقتصادي يسير نحو التحسن، وأن الأمر مرهون بمدى نجاح مؤسسات النظام في إدارة الأزمة.


ملاحظة : رغم حداثة الدراسة والمنشورة من قبل ” القدس العربي ” أول أمس، إلا أننا كموقع متابع للأوضاع داخل العاصمة السورية دمشق، أن النسبة التي تتحدث عن ربع سكان دمشقن غير دقيقة وقد تصل إلى نسبة 60 بالمئة، كون العديد من الأسر تصلها المساعدات من الخارج بطيرقة سرية غير معروفةن تهربا من الملاحقة الأمنية والسين والجميم عن العملة الصعبة 

شاهد أيضاً

وفاة صاحب مقولة لا تخذلوا الثورة السورية

توفي، اليوم الأربعاء، وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب عن عمر ناهز 79 عاماً، الذي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *