انسحاب 6 أندية إنكليزية..فهل تقود أميركا “ربيعاً كروياً للسيطرة على أوروبا”؟

كتبت ريتا الصيّاح 
على الرّغم من أنّ الفكرة مطروحة منذ سنوات عديدة، إلّا أنّ اجتماع ١٢ نادياً أوروبياً واعلانها عن اطلاق “دوري السوبر ليغ الأوروبي” شكّل صدمة لعشّاق ومتابعي كرة القدم حول العالم. 
ستّة أندية إنجليزية ما لبثت أن انسحبت أمس (ليفربول وأرسنال وتشيلسي وتوتنهام ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد) وثلاثة إسبانية (ريال مدريد وأتليتيكو مدريد وبرشلونة) وثلاثة إيطالية (يوفنتوس وانتر ميلان وآي سي ميلان) نصبت نفسها وصيّة على عالم كرة القدم الأوروبيّة، معتبرة نفسها نخبة الأندية في القارة العجوز، بانتظار انضمام ثلاثة أندية إضافية لها، لتشكّل “عصبة” الأنديّة المؤسّسة للبطولة برئاسة عرّابها فلورينتينو بيريث، والدّائمة الحضور فيها، على أن تنضمّ إليها خمسة أندية “مجتهدة” كلّ موسم. 
موضوعنا ليس عن البطولة وأنظمتها، ولا عن معارضة الاتحادات القارية والدولية والمحليّة لها، بل سعينا للإجابة على سؤال “لماذا يقوم مصرف أميركي بتمويل بطولة أوروبيّة بمبالغ خياليّة”؟. 
نعم، البطولة ستكون ممّولة من مصرف JP MORGAN الأميركي، الذي سيستثمر أكثر من ستة مليارات دولار فيها، كخطوة أولى، وإذا كان البعض يظنّون أنّ البطولة فكرة أوروبيّة لانقاذ ما دمّرته جائحة كورونا على الصعيد الإقتصادي، فالحقيقة أبعد بكثير. 
علينا ان نعرف أنّ الأميركيّين يسخرون دائماً من الأوروبيّين، والإتحاد الدولي، لجهة تنظيمهم لدورياتهم وقوانينهم في كرة القدم.
ففي حين اعتُبر استخدام تقنيّة حكم الفيديو المساعد في كرة القدم انجازاً، كان الإعلام الأميركي يسخر من الأمر، ففي بلاد “العم السام” تستخدم الإعادة بالفيديو منذ أكثر من ٣٠ سنة، ما يعني أن الأميركيين يصوّبون على نقاط ضعف أنظمة وقوانين وحتّى بطولات كرة القدم في باقي العالم وخاصّة في أوروبا. 
أمّا ما يحصل اليوم فعنوانه واضح “لسنا بحاجة لأكثر من مصرف أميركي لهزّ عرش أوروبا الكروي” … نعم، مجرّد مصرف استطاع إثارة بلبلة واسعة في أوروبا بين الأندية من جهة والإتّحادات من جهة أخرى، فاليويفا يتخبّط وهو خائف من خسارة عشرين نادياً تشارك في بطولاته وتشكّل عامل جذب، وهو استغاث بالفيفا لدعمه، ولفّ حوله الإتّحادات المحليّة لمعارضة الفكرة. 
مصرف واحد أظهر لأندية أوروبا، أنّها تُشترى كما تشتري، فإن كانت إدارة أيّ نادٍ تستطيع، إن هي امتلكت الأموال الكافية، شراء لاعب وولاءه وعائلته وأحلامه، فهي أيضاً تُشترى حين يأتي مصرف ليمنحها المبلغ الكافي فتنقلب على اتحادها ورأي جماهيرها ولاعبيها وتنضمّ إليه وإلى ما يرسمه من خطط للمستقبل.
 ما يحدث اليوم يتخطّى كونه تأسيس لبطولة جديدة، فجميعنا يعلم أن الاتحادات لن تتخلّى عن أنديتها وأنّ الأندية بحاجة لاتحاداتها، ما يحدث اليوم هو اسقاط آخر ورقة تين كانت تستر هشاشة الإتحادين الأوروبي والدّولي لكرة القدم، ما يحدث اليوم كشف عن عورة كبيرة في جسد كرة القدم.
الجميع يريد المال، وما الأندية إلّا طابخ سمّ يتذوّق سمّه، فمن يشتكي اليوم من الحالة الإقتصادية في كرة القدم، هو السّبب في طفرة الأسعار والمطالب المجنونة للاعبين ومدراء أعمالهم. أمّا الإتّحادات، فعليها هي الأخرى تذوّق ما طبخته من سموم حين سكتت عن تمادي الأندية في “رمي” أموالها عقوداً ورواتباً، مختبئة خلف “قانون اللعب النّظيف” وهمي. 
أميركا اليوم، وعبر مصرف، تقود ثورة على أنظمة كرة القدم خارجها، والأكيد أنّه ولو فشلت فكرة دوري السوبر وتمّ التّوصّل إلى “حلّ يرضي الجميع” فما قبل هذه المرحلة ليس كما بعده، والأكيد أنّ الأندية لن تتوانى مستقبلًا عن اعلان انقلابها على اتحادات الكرة عند كلّ قرار أو خطوة لا تنال رضاها. 
عرش كرة القدم اهتزّ، فهل نحن أمام “ربيع كروي”؟ وهل سيكون ربيعاً مزهراً في فصول كرة القدم، أم أنّ خريفاً مظلماً ينتظر اللّعبة الشّعبية الأولى في العالم؟.

المصدر : موقع ” الجديد ” اللبناني 

 

شاهد أيضاً

بايرن يُسقط باريس سان جيرمان في عقر داره!

خرج فريق بايرن ميونخ الألماني بفوز ثمين من ملعب مضيفه باريس سان جيرمان الفرنسي (1-0)، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *