حول المسألة الكردية في سورية ( 4-5 ) علاقات PYD الدولية والإقليمية


      نشرنا في الحلقة الأولى من هذه الدراسة، ما تناوله الباحث عن الهوية الوطنية السورية ولمحة عن تاريخ المسألة الكردية من تاريخ الحركة السياسية الكردية في حتى بداية الثورة السورية، وتتطرق الدراسة في هذا الحلقة المعارضة السورية الأحزاب الكردية والمسألة الكردية ، وتابعنا في الحلقة الثانية النشر عن مرحلة انقلاب الثامن من آذار 1963، إلى جانب عنوان عن المعارضة السورية والأحزاب الكردية ، وفي الحلقة الثالثة تواصل الحديث عن حزب الاتحاد الديمقراطي ومشتقاته السياسية والعسكرية، وفيما يلي الحلقة الرابعة من الدراسة : 









د. محمود الحمزة

وحول معركة عين العرب(كوباني) التي  اشغلت وسائل الاعلام العالمية حينها فإن الوقائع والتحليلات تؤكد على أنها مسرحية هوليودية بامتياز لتلميع صورة ” وحدات الحماية الشعبية”. فخلال أقل من يومين كانت داعش تسيطر على كامل مساحة ريف عين العرب  وسقطت زهاء 400 قرية دون إطلاق رصاصة واحدة، حيث طلب حزب الاتحاد الديمقراطي من الأهالي عدم المقاومة وضرورة المغادرة نحو الحدود التركية. وراح السكان المحليون والنشطاء والمحللون يتساءلون. كيف تسقط كل تلك المساحات الشاسعة بظرف ساعات. وكيف تم تحريرها ايضاً بسهولة لافتة.

وقد عبر الكاتب الكردي السوري المعروف سليم بركات عن رأيه بحزب الاتحاد الديمقراطي واصفا إياه بالبعث الكردستاني ويقول: نحن الكرد السوريين لا نريد أصناماً على مداخل الشمال السوري ومخارجه. تماثيل العائلة الحاكمة الدموية تستجمع ظلالَ حجارتها هاربةً وهي تضع إزميلَ النحت في أيدي عشيرة أوجلان ـ فرع البعث الجديد بلقبٍ كردي ـ كي تنحت لأوجلان تمثالاً من خُدعة الأسد. فما لم ينجزه صنمُ الحاكم الدموي أُوْكِلَ الكردستانيُّ بإنجازه تماماً، زجًّا بأكراد سوريا إلى منازلات شيطانية ضد السوريين. وعلى عشائر بعث الكردستاني أن تفهم اليوم، قبل تدرُّج النكبة نضوجاً، أن أكراد سورية موكلون بحقوقهم من داخل البيت السوري ـ بيتهم؛ من داخل ثورة سورية ـ ثورتهم.  ويكد بركات بأن ثورة الكردي، في سورية، هي من أجل الجولان، ودرعا، واللاذقية، وعامودا، و رأس العين، لا من أجل إنعاش خيال الإخفاق عند فرع البعث الكردستاني، الألمعيِّ في السعي إلى دحرجة روح الكردي، بتمام أملها، إلى عبقرية الكارثة.  ولم يعرف فرع بعث الكردستاني أن الكرد لا يريدون صنماً جديداً من مقاسات أصنام عائلة الأسد، على مدخل حياتهم

أما السياسي الكردي صلاح بدر الدين فيرى أن موضوع  كرد سورية يحل في دمشق وفي اطار وحدة الأراضي السورية ولكن السؤال المفصلي هو : مع أي نظام ؟ وأي كرد يقومون بذلك ؟ والجواب أن النظام المستبد الراهن أو نظام الأسد الابن والأب هو من لم المسألة الكردية أكثر وهو السبب في تطبيق المخططات الشوفينية وفي محنة الكرد والسوريين عموما ونظام بهذه المواصفات ليس مؤهلا لحل هذه المسألة و لا أي مسألة أخرى.  أما جماعات ب ك ك أصحاب سلطة الأمر الواقع تمارس القمع والدكتاتورية تجاه الآخر المختلف وتعلن لاصلة لها بالمسآلة القومية الكردية وأفرغت المناطق وخونت المختلفين معها أو طردتهم واعتقلتهم وهي بالأساس جزء من أجندة نظامي طهران ودمشق وجاء مسلحوها منذ 2011 لمواحهة الثورة السورية والوطنيين الكرد المنخرطين بالثورة وهي ليست منتخبة ولا مخولة للتحدث باسم كرد سورية. ويدعو لكتابة برنامج سياسي سليم وواضح يصب في مصلحة السوريين والمسآلة الديموقراطية وحقوق الكرد المشروعة .

وقد تركت الاحزاب الكردية انطباعا سيئا كونها اعتادت على رفع مطالبها تبعا لتراجع مواقع المعارضة وازدياد قوة ونفوذ ” قسد ” التي ارتاح لها معظم الكرد معتبرينها في نهاية المطاف ستحقق حلمهم في تاسيس دولة كردية  بدعم أميركي وصمت من النظام لضعفه . وهي بالرغم من نقدها لـ “قسد ” فإنها تنسق معه وتعمل على ايجاد صيغة للمشاركة في ادارة المنطقة.  علماً أن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي  شكل  “مجلس شعب غربي كردستان”  2011، وفيه نزعة انفصالية واضحة وأسس سلطة عسكرية متمثلة في وحدات الحماية الشعبية، اتهم الاكراد انهم بتاييدهم للثورة فهم يتبعون لتركيا. ويعتبر نشاط وحدات الحماية الشعبية التي يقودها مقاتلون من جبال قنديل، ويعتبر رفع صور اوجلان تعبير عن التبعية لقوى اجنبية  هو دفاع وحماية للمناطق التي يسميها “كردية”.

وحول شعار الفيدرالية الذي يؤسس عادة لجمع مناطق قومية وعرقية فإنه في سورية يعني تقسيم سورية إلى مناطق واحدة فقط منها يتواجد فيها املكون القومي الكردي بشكل ملحوظ بينما في بقية المناطق السورية ستكون الفيدرالية على اساس ديني وطائفي وهذا لا يساهم في تقوية المجتمع السوري بل يرسخ التفرقة باشكالها القومية والدينية. وينبغي التمييز بين فكرة الفيدرالية أو الحكم الذاتي، من حيث المبدأ، وفكرة إقامة تلك الفيدرالية أو ذلك الحكم الذاتي على أساسٍ إثنيٍّ، ناهيك عن إقامتهما على أسسٍ دينيةٍ أو طائفيةٍ. وبالنسبة لسورية تبقة فكرة اللامركزية الإدارية الجغرافية هي المقبولة وليست اللامركزية السياسية أو القومية التي ستخلق عدم استقرار مستقبلي في املجتمع السور. ويبقى الحكم الفصل بيد الهيئات الشتريعية التي يتفق على تأسيسها الشعب السوري بكافة مكوناته.

 

علاقات حزب الاتحاد الديمقراطي الدولية والاقليمية:

مع الولايات المتحدة:

بدأت الولايات المتحدة منذ عام 2014 بتقديم الدعم العسكري لـ ” وحدات حماية الشعب”  في إطار الحرب ضد تنظيم داعش. ولم يقتصر الدعم الأميركي على الجانب العسكري فقط بل تجاوزه للجانب الاقتصادي. ولم تقدم الولايات المتحدة أي دعم سياسي يذكر لحزب الاتحاد الديمقراطي، أي ان ادارة ترامب تتعامل مع ” قسد ” كونهم مرتزقة تستخدمهم وتمولهم وتسلحهم ولكنها لا تعطيهم دور سياسي.  لكن قسد استغلت هذا التحالف مع أميركا  بحجة محاربة الارهاب، إلى حرب ضد العرب باتهامهم دعم داعش. ووصل الامر بقوات قسد ان تعتبر عفرين وعين العرب والجزيرة مناطق كردية تابعة للادارة الذاتية  ولها قوانينها وسلطاتها واقتصادها وضرائبها ورسومها ومن يدخل الى عفرين من حلب يدفع رسوم وكانه دخل الى دولة اجنبية. ألا يعني ذلك مشروع انفصالي سافر.

وتفاجأ البعض بالتوافق الروسي الأميركي في عدم إدانة العملية التركية (نبع السلام) في شمال سورية في مجلس الأمن، وهذا يشير إلى اتفاق على امكانية التخلي عن “قسد ”  والموافقة على ضربها إن لزم الأمر. فالتنسيق الأمني الأمريكي الروسي الاسرائيلي يؤكد انهم متفقون على تدمير سورية ، ولا يعني بالضرورة النيل من ” قسد ” كونها تحظى ايضا باسحسان اسرائيلي مكشوف.

مع روسيا:

عارضت روسيا المشروع الكردي في سورية المنبثق عن سياسات حزب الاتّحاد الديمقراطي، حيث طالبته مراراً بإعادة مناطق الإدارة الذاتية إلى سيطرة نظام الأسد. ولكن هذا الموقف لم يثنِ روسيا عن استغلال حزب الاتّحاد الديمقراطي لخدمة مصالحها في سورية، لا سيما كسب المزيد من التنازلات من تركيا، حيث سمحت بافتتاح مكتب تمثيل للإدارة الذاتية –تم تسجيله كمنظمة غير حكومية– في موسكو في شباط 2016، لكن سرعان ما تم إغلاقه في آب من العام نفسه نتيجة الضغوط التركية. وتعاونت روسيا مع تركيا شمال سورية على حساب “قسد ” ولم تتم عملية غصن الزيتون مطلع عام 2018 إلّا بعد انسحاب القوات والمعدّات الروسية من المنطقة.

كما أبرزت روسيا رغبتها في احتواء أي تصعيد بين النظام السوري وحزب الاتّحاد الديمقراطي، مثلما فعلت في آب 2016، عبر إلزام الطرفين بتوقيع اتفاق في قاعدة حميميم بعد اشتباكات عنيفة في المربّع الأمني بالحسكة. وتعوّل روسيا على تحقيق ذلك عبر تطوير صيغة مذكّرة التفاهم التي وقعها الطرفان في 13 تشرين الأول 2019، بقاعدة حميميم على خلفية عملية نبع السلام. على أمل أن تُشكّل مذكّرة سوتشي (2019) مع تركيا في الضغط على حزب الاتّحاد الديمقراطي من أجل تقديم تنازلات في هذا الصدد.

ولم تتوقف المحاولات الروسية حتى الآن لإعادة المشروع الكردي إلى مظلة نظام الأسد، وهو ما ينسجم مع سياستها المتمثلة بضرورة عودة كافة الأراضي السورية لسيطرة النظام، وهو الأمر الذي يُساعدها- كما تعتقد-  في فرض رؤيتها للحل السياسي في سورية.

ولما كان على التاريخ أن يعيد نفسه في كثير من الأحيان، فقد خانت روسيا كعادتها الأكراد، وباتت ممثليتهم في موسكو طيّ النسيان، ولم تدعمهم للمشاركة في مفاوضات جنيف، ما دفع صالح مسلم إلى اتهامها بالخيانة، واتهمها مرة أخرى بالخيانة أيضاً حين سمحت لتركيا والجيش الحر بمحاصرة عفرين وتحريرها منهم.  ولا ينسى الكرد كيف طردت روسيا اوجلان مثلها مثل نظام الأسد الأب وباعته- كما قال اوجلان نفسه-  مقابل مشروع التيار الأزرق وقرضٍ من صندوق النقد الدولي مقداره عشر مليارات من الدولارات. وفور تدخلهم العسكري في سورية عام 2015 توجه الروس إلى مدينة القامشلي واتخذوا مقرّاً لهم في مطارها، وباتت قيادات العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب YPG ضيوفاً دائمين عليهم، ينسقون معهم ويتلقون الدعم منهم. وبعد بضعة أشهر غادر الروس مطار القامشلي.

وفي القسم الغربي خاضت ” قسد ”  وبدعمٍ جويٍ روسي معارك ضد الجيش الحر في ريف حلب الشمالي وسيطرت على قرى عدة ما تزال إحدى عشرة قرية منها تحت سيطرتها أبرزها تل رفعت في ريف اعزاز شمالي حلب، وشاركت في نهاية عام 2016 في حصار حلب الذي أدى إلى سقوطها في يد النظام.

ولم ترحم وسائل الاعلام الروسية ”  قسد ” بعد ان تحالفت مع أميركا بل كتبت:  “قسد فعلت ما بوسعها لتصل الأمور ما وصلت إليه اليوم”!!! وعلى قناة “روسيا24” الأخبارية الحكومية الروسية، قال المراسل إن “الولايات المتحدة استخدمت قسد في محاكاة عمليات التصدي للإرهاب”، وليس لمحاربة الإرهاب بل (محاكاة) يعني (اعملوا حالكن على أساس عم تحاربو الارهاب يا شباب)!!!

مع تركيا:

تعاملت تركيا في البدايات بشكل إيجابي نسبياً مع المشروع الكردي في سورية، حيث حاولت استيعاب المطالب التي تبنتها الأحزاب الكردية، بما في ذلك حزب الاتحاد الديموقراطي، ودعمت زيادة التمثيل الكردي في المعارضة، وحتى وصول شخصيات كردية إلى قيادتها.  لكن هذا الموقف التركي تغيّر لاحقاً بعد الإعلان عن مشروع “روج آفا”، والحديث عن دولة غرب كردستان الممتدة على طول الحدود التركية-السورية وصولاً إلى البحر ، حيث أدركت أنقرة وقتها، وفقاً للعديد من التصريحات التركية الرسمية، بأن المشروع تجاوز المطالب المشروعة إلى مرحلة تشكيل خطر على الأمن القومي التركي. ومؤخرا قامت تركيا بتوقيع وثيقة أنقرة مع الولايات المتّحدة في تشرين الأول 2019، ومذكّرة سوتشي مع روسيا في الشهر ذات وكلها موجهة ضد قسد بنسبة كبيرة.

واليوم اصبحت تركيا عاملا اساسيا في اي تقرير لمصير الكرد السوريين وه1ا من نتائج سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي خلق عداوة مع تركيا والثورة فخسر الكرد وكل السوريين وخدم تركيا والنظام.

مع ايران:

ظهر التعاون بين الحزب وإيران بشكل كبير في معركة عفرين بعد أن قدّمت له عدداً من الأسلحة والمعدّات العسكرية في مواجهة تركيا .  كما رعت المفاوضات بينهما منتصف عام 2018، والتي عقدت في دمشق، حيث تمّ استقبال وفد الإدارة الذاتية آنذاك من قبل جنرال إيراني، وهو من أشرف على إدارة المفاوضات التي جرت في دمشق، وبمشاركة من قيادات في حزب الله.

وسبق أن استقبلت إيران على أراضيها في أيار 2018 وفداً من حزب الاتّحاد الديمقراطي لمناقشة انسحاب الولايات المتّحدة من سورية. وهناك تصريح لعثمان اوجلان في الذكرى 18 لاعتقال شقيقه عبدالله اوجلان والمنشق عن حزب العمال يقول:  طلب الايرانيون مني مرارا اجراء علاقات معهم لكنني رفضت اي تنازل من مبدأ اخلاقي، لكن قيادات الحزب قبلت بالتنازل للايرانيين وباتت تنفذ اوامرهم (فبراير 2017).

مستقبل حزب الاتحاد الديمقراطي:  قد يبقى حزب الاتّحاد الديمقراطي مسيطراً على أرض الواقع في المناطق الكردية التي ما يزال يحافظ على وجوده فيها، إلى حين الوصول إلى حل سياسي والذي قد يأخذ سنوات، ولحينها قد يوقّع الحزب مع نظام الأسد  تفاهمات تقضي بمنحه صلاحيات إدارة محلية يكون فيها مسيطراً باعتباره سلطة الأمر الواقع الحاكمة في المنطقة أمنياً وسياسياً، هذا في الوقت الراهن وقبل الدخول في المرحلة الانتقالية، أمّا بعد ذلك فلن يكون للحزب فرصة سوى خيار العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات والصراع على البلديات ومقاعد البرلمان.


أناه رابط الحلقة ( 1-5) 
https://our-syria.com/wp-admin/post.php?post=30196&action=edit
أدناه رابط الحلقة (2-5) 
https://our-syria.com/wp-admin/post.php?post=30591&action=edit
أدناه رابط الحلقة ( 3-5 ) 
https://our-syria.com/wp-admin/post.php?post=31014&action=edit

شاهد أيضاً

لعنة الانقسام وأثرها في انسداد شرايين الثورة

المحامي عبد الله السلطان محامي وكاتب سوري حالة التفكك السورية إلى أين؟ متى نودع حالة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *