هل تؤسس خطة فرنسا للتسوية الكبرى؟


“القبس”:

لبنان بعد شهر على انفجار مرفأ بيروت، المشهد مختلف تماماً عمّا قبله؛ فالبلد عاد إلى دائرة الاهتمام العالمي، بعد الكارثة ــــ المأساة، وكانت فرنسا القطب الأبرز في هذه الدائرة، بعد زيارتين للرئيس الفرنسي الى بيروت في أقل من شهر، أطلق خلالها مبادرة تقوم على تشكيل حكومة جديدة، تكون مهمتها إنقاذ لبنان اقتصاديا وماليا، في حين ستقام صلاة عالمية اليوم لأجل لبنان، دعا إليها البابا فرنسيس، في وقت دعا الجيش اللبناني إلى دقيقة صمت تحيّةً لأرواح 190 شهيداً سقطوا في الانفجار. الرئيس الفرنسي بادر مدفوعاً بعلاقة فرنسا التاريخية بلبنان الى التحرّك سريعاً، وفق خطة متعددة الأبعاد، تبدأ بالمساعدة في التحقيقات الى المشاركة في إعادة إعمار مرفأ بيروت، وصولا الى تثبيت الحضور الفرنسي في المنطقة.

وأثمرت جهوده توافقاً سياسياً على تكليف الدبلوماسي مصطفى أديب لتشكيل الحكومة في مقابل مخاوف من قوى المعارضة لناحية تعويم الطبقة السياسية وفكّ العزلة عن رئيس الجمهورية و«حزب الله»، خصوصاً أن مبادرته جاءت معاكسة لرغباتها، لا سيما في ما خصّ مطلب الانتخابات المبكرة، وسلاح الحزب غير الشرعي، وحكومة المستقلين.

وفق عدد من المراقبين، فإن نجاح المساعي الفرنسية رهن بمواكبة أميركية ـــــــ عربية، تبدو متوفّرة في الشق الإصلاحي، ومتعارضة في مقاربة موضوع «حزب الله»، وهو ما برز برفض واشنطن تمثيل «حزب الله» في الحكومة الجديدة، والتأكيد على لسان الوزير بومبيو أن واشنطن تعتبر «حزب الله» الخطر الأكبر على لبنان، وأنه من غير الجائز حصر النظرة إليه على أنه مجرّد فريق منتخب.

في المقابل، ثمة من يؤكد أن ماكرون لم يحجب البعد السياسي كليا عن مبادرته، وأن ثمة توافقاً دولياً، حدد منطلقات المبادرة، وذلك استناداً إلى كلامه مع النائب محمد رعد أثناء «الخلوة القصيرة» التي عقدها في زيارته الاولى مع زعماء القوى السياسية الرئيسيين غداة انفجار مرفأ بيروت، وقد توجه إليه بالقول: «أريد العمل معكم لتغيير لبنان، لكن اثبتوا أنكم لبنانيون، فكلنا نعلم أن لكم أجندة إيرانية. عودوا إلى الوطن. اتركوا سورية واليمن، ولتكن مهمتكم هنا لبناء الدولة، لأن الدولة الجديدة ستكون لمصلحة أبنائكم»، وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة لو فيغارو، واستدعى توبيخاً علنياً من ماكرون للصحافي المتخصص بالشرق الأوسط جورج مالبرونو.

مصدر إعلامي أجنبي في بيروت كشف لـ القبس ان تقريع ماكرون لـلصحافي مالبرونو لا ينفي ما ذكره الأخير بل يؤكده، وهو لم يتهمه بنشر أخبار كاذبة، بل قال له إن نشر هكذا معلومات هو عمل لا مسؤول ولا مهنيّ، ويضر بمصالح البلدين.

وسيتضح مسار التسوية الفرنسية في الأيام المقبلة، سواء أكانت بتوافق أميركي أم بمرونة مشروطة، وإن كان البعض يترقب مسارات زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية دايفيد دايفيد شينكر الذي حط في بيروت بعد ساعات على مغادرة ماكرون، وسط تساؤلات عما إذا كان الهدف منها «محاصرة» المبادرة الفرنسية، لا سيما أن شينكر لن يلتقي أياً من الرؤساء الثلاثة، بل يعقد مجموعة لقاءات مع قوى منبثقة عن المجتمع المدني. ونقلت قناة «أم تي في» عن شينكر قوله ان عقوبات قانون «ماغنتسكي» ستُفرض قريباً على شخصيات لبنانية.

المصدر : موقع ” MTV” اللبناني

شاهد أيضاً

ماذا بعد الانبهار بـ”حمـ.ـاس” والانهيار في إسـ.ـرائىل… مَن يمسك بزمام المبادرة ومَن يخشى الانزلاق؟

في حال اضطرت إدارة بايدن إليها – أن تثبت جديّة الخيارات العسكرية. هناك في سوريا يمكن قطع الطريق على برنامج إيران الإقليمي للامتداد من إيران إلى العراق وسوريا وإلى لبنان على الحدود مع إسرائيل وعلى البحر المتوسط. وهناك في سوريا يمكن للوسائل العسكرية الأميركية والأوروبية إسقاط الرئيس السوري الحليف لإيران، بشار الأسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *