الأزمة السورية بعد تسعة أعوام، أطفال يتأبطون الذكريات

 

 

د. ملك صهيوني

بعد مرور أكثر من تسع سنوات على النزاع، تواصِل الأزمة السورية التسبب بتأثير كبير على الأطفال في داخل سورية وفي جميع أنحاء المنطقة وما يتجاوزها. لقد تأثر كل طفل سوري بالعنف والتشرد وانقطاع الروابط الأسرية ونقص إمكانية الحصول على الخدمات الحيوية. وقد ترك كل ذلك تأثيراً نفسياً هائلاً على الأطفال.

وقد فاقمت جائحة كوفيد-19 مخاطر سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي بعد كل هذه السنوات من النزاع، وهي تتسبب أيضاً في اضطرابات كبيرة في التعليم بسبب التدابير الموضوعة للحد من انتشار الفيروس التاجي.

وتظل الأزمة السورية أزمة حماية في المقام الأول. وتتواصل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإطفال وهي على أشدها، بما في ذلك تجنيد الأطفال واختطافهم وقتلهم وإصابتهم. وتشكل الذخائر غير المنفجرة تهديداً فتاكاً لملايين الأطفال السوريين، وفي الوقت نفسه لايزال ملايين الأطفال بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية.

ما الذي تفعله اليونيسف لمساعدة أطفال سورية؟

إن اليونيسف وشركاءها موجودون على الأرض في سورية وفي جميع أنحاء المنطقة ويعملون على حماية الأطفال ومساعدتهم في التعامل مع تأثير النزاع واستئناف عيش طفولتهم. وهذا يتضمن تحسين إمكانية الحصول على التعليم وخدمات الدعم النفسي لمساعدة الأطفال ومقدمي الرعاية على التعافي من الصدمة واستعادة حس الحياة العادية.

كما تواصل اليونيسف مع الشركاء تقديم المساعدات المنقذة لحياة العائلات المحتاجة، ومن ضمنهم النازحين مؤخراً. تشمل هذه المساعدات رُزم النظافة والمياه الصالحة للشرب والملابس الدافئة لفصل الشتاء وفحص سوء التغذية وعلاجه. وللمساعدة على منع انتشار كوفيد-19، تقوم اليونيسف وشركاؤها بإرسال رسائل ومواد للوقاية من المخاطر والتوعية بها. 

الأطفال يتأبطون بعضا من الذكريات

يملك العديد منا أشياء عزيزة علينا من طفولتنا، شيء تذكاري يذكرنا بشيء ما أو بأحد أحبائنا. وقد وجد الأطفال السوريون الذين فروا سعياً للأمان، مكاناً بين الأشياء الضرورية التي حملوها معهم، حتى بينما كان العنف دائراً، ليضعوها بين المقتنيات التذكارية.

وبالنسبة للعديد من الأطفال السوريين دون سن الخامسة في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، والذين يبلغ عددهم حوالي 44،000 طفل، توفر لهم هذه المقتنيات العزيزة رابطاً بماضيهم يجلب لهم الطمأنينة في عالم متقلب. وثمة قصة وراء كل قطعة من هذه المقتنيات.

 

تُخبئ «هالة»، 11 سنة، الصور التي جلبتها من سورية في مكان أمين لحمايتها من التلف، ولكنها تُخرجها أحياناً لتنظر إليها، ولتتذكر حياتها السابقة. أما صورتها المفضلة، فهي صورتها مع شقيقها. وتقول «هالة»، “كان يوم جمعة، وألبستني أمي ملابس جميلة لصلاة الجمعة، ثم ذهبنا إلى السوق وإلى مطعم. بعد ذلك ذهبنا إلى استديو تصوير حيث التُقطت هذه الصورة. وعندما أنظر إليها، أتذكر تلك الأيام من جديد“.

يقول «أحمد»، 12 سنة، وهو يحمل ميدالية كُتب عليها اسم أبيه، ” تعود ميدالية المفاتيح هذه لأبي؛ فقد ورثتها عنه منذ مدة طويلة” . وقد توفي والده من جراء نوبة قلبية عند بداية الحرب في سورية. ويعيش «أحمد» الآن مع جدته وشقيقه في مخيم الزعتري، ويقول ” لدي ذكريات قليلة عن أبي، ولكن … الذكرى المفضلة هي عندما اصطحبنا إلى النهر في نزهة. وإذا أردت أن أتذكره فإنني أُخْرِج ميدالية المفاتيح وأنظر إليها“.

 

تحمل «يارا»، 10 سنوات، لعبتها، وهي هدية من والدها في عيد ميلادها، وقد سمّت اللعبة ’فرح‘. وتقول، “أصبح الوضع مخيفاً في سورية، وكان هناك إطلاق رصاص، وقال والدي جهّزي أغراضكِ، فنحن مغادرون. وأردتُ أن أحضر دمية الدب التي أملكها، ولكن والداي رفضا، فقد كان حجمها كبيراً، لذا وضعتُ ’فرح‘ في حقيبتي”. وتريد «يارا» أن تعود إلى سورية يوماً ما، وقد قطعت على نفسها عهداً بأن تُعيد ’فرح‘ معها. “سوف أعدّ لها ملابس جميلة وأجهزها وسوف نذهب. ولكن في هذه المرة، سأصطحب معي جميع ألعابي“.

ما زالت «ردينة»، 11 سنة، تحتفظ بمفاتيح بيتها في سورية، وتقول “لقد جلبتها معي. فعندما نعود إلى سورية سأكون أنا من يفتح الباب”. لا تتذكر «ردينة» وطنها، وهي في الصف الرابع في مدرسة في مخيم الزعتري، ولكنها تقول إن والداها أخبراها بأن بلدها جميل. وتقول، “كان لنا بيت في السابق، ولكننا نعيش الآن في غرفة متنقلة (كارافان). وأشعر بحزن شديد عندما أحمل المفاتيح لأنني بعيدة جداً عن بيتي“.

تعرِض «نور»، 12 سنة، بطانيتها وتقول موضّحة، “هذه بطانيتي … اشترتها لي جدتي. أتذكر أننا اضطررنا إلى الفرار بسبب القصف، وكنت أتدثر بها … عندما أتيت إلى هنا”. وتقول «نور» إنها تشعر بالحزن أحياناً عندما تغطي نفسها ببطانيتها الآن، ولكنها تشعر بالأمان أيضاً. “سأحتفظ بها طالما استطعت ذلك“.



https://ccjfd.com/?p=438

شاهد أيضاً

عن الاصطفاف الأميركي- الأوروبي مع إسرائيل

خطار أبودياب شكلت مفاجأة تخطي جدار غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منعطفا في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *