باحثون أمريكيون: اللاجئون السوريون يمكنهم المساعدة في حل أزمة لبنان

يتأرجح لبنان على حافة فشل اقتصادي كامل، فقد فقدت عملته أكثر من 80% من قيمتها خلال الشهور التسعة الماضية، وأرغم انقطاع التيار الكهرباء المستشفيات على وقف استخدام أجهزة تكييف الهواء، ويحذر الخبراء من احتمال حدوث مجاعة.
واندلعت الاحتجاجات في أنحاء البلاد في أكتوبر/تشرين أول الماضي اعتراضاً على ما اعتبره المحتجون سنوات من السياسات الطائفية الفاسدة والاختلاسات المالية. وما زالت الاحتجاجات مستمرة في الوقت الحالي.
ويبدو أن ما يدفع المحتجين هو إجماع مشترك غير طائفي على نطاق واسع على أن النخب السياسية، والاقتصادية والطائفية (وغالبا هم نفس الأشخاص) لا يستفيدون فقط من مناصبهم، بل أيضا يدمرون الاقتصاد.
ويقول ويل تودمان، الباحث في برنامج الشرق الأوسط، والباحث ايرول يايبوك، نائب مدير مشروع الرخاء والتنمية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، في تقرير لهما نشره موقع المركز أن بعض السياسيين اللبنانيين يلقون باللوم على اللاجئين السوريين فيما يشهده لبنان من صراعات، ويزعمون أن السوريين يقوضون العمال اللبنانيين وينتزعون فرص عملهم. ويضيفان أن هؤلاء السياسيون على خطأ، فاللاجئون ليسوا مسؤولين عن أزمة لبنان، بل هم في حقيقة يمثلون مخرجاً واعداً من هذه الأزمة.
وفي رأيهما أن الوقت قد حان لأن ينظر صانعو السياسات للنازحين المجبرين ليس كمجرد عبء على المجتمع، ولكن كفرص لنمو اقتصادي شامل وواسع النطاق. ويتعين على صانعي السياسات الدوليين تشجيع الحكومة اللبنانية على السماح للاجئين بالعمل، وتعزيز امكانياتهم، وتمكينهم من إعالة أنفسهم، وتحفيز ضخ مطلوب بشدة لأموال جديدة على اقتصاد البلاد.
وذكر التقرير أن الحكومة اللبنانية تأمل في أن يؤدى حصولها على قرض من «صندوق النقد الدولي» إلى انقاذها. وأضاف «لكن حتى بعد تلقى القرض، سوف يحتاج لبنان إلى إعادة التفكير في أسس اقتصاده وكيف يعامل مواطنيه والنازحين في البلاد».
يذكر أنه في كل عام تزداد فجوات تمويل مساعدة اللاجئين السوريين، وليست هناك دلائل على أن اللاجئين السوريين سيعودون إلى بلادهم في أي وقت قريب.
وفي رأي الباحثين فإنه مع بدء تراجع الدعم من جانب الجهات الدولية المانحة، من الممكن أن يظهر ممثلو القطاع الخاص كشركاء مفيدين. وإذا ما قام صانعو السياسات اللبنانيون بخلق ظروف مساعدة، ودعم مرونة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والسماح للاجئين بالعمل، من الممكن أن تشارك المؤسسات الدولية بصورة أكبر في لبنان بمجرد خروجه من الأزمة وأن تكشف الفرص التي تفيد اللبنانيين المحتاجين واللاجئين على السواء.
ويضيف الباحثان «يستطيع القطاع الخاص الإسهام في التوصل لحلول لهذه الأزمات بعدة طرق. أولها، أن الاستثمار في مجتمعات النازحين ومجتمعات اللبنانيين المحتاجين سوف يحفز زيادة فرص العمل، ويخلق فرص عمل جديدة للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم على السواء، بالإضافة إلى ضخ أموال جديدة في الاقتصاد اللبناني. وثانيا، فإنه نظراً لأن انهيار العملة اللبنانية يجعل من الصعب الحصول على الكثير من السلع المستوردة، يمكن أن يعزز اللاجئون قطاع الإنتاج الغذائي المحلي، مما يساعد في الحفاظ على الأمن الغذائي. وثالثا، فإن انخفاض سعر الصرف سوف يشجع الصادرات اللبنانية، والسوريون قادرون على تعزيز قطاع التصنيع». يشار إلى أنه عندما تفشت جائحة كورونا في لبنان، حاولت الحكومة حماية العمال اللبنانيين بوضع مزيد من القيود المشددة على قدرة اللاجئين السوريين على العمل.
ولكن الباحثان يران أن السماح للاجئين بالعمل أمر مهم بالنسبة للبنان لجذب الاستثمارات الخارجية وتعزيز اقتصاده.
ويقولان أنه بعد التراجع الاقتصادي العالمي نتيجة جائحة كورونا، سوف تصبح الأسواق الناشئة أكثر جذباً للمستثمرين من القطاع الخاص ومن الممكن أن يكون توفر العمالة الرخيصة ميزة، إذ أن وجود ظروف ملائمة لنمو القطاع الخاص ستمكن المستثمرين من الاستفادة من توفر العمالة الماهرة وغير الماهرة من بين النازحين في لبنان لتعزيز القطاعات التي تعتبر غير تنافسية في ظل القوة العاملة اللبنانية. كما أن تمكين الاستثمار الخاص سوف يعزز تشغيل العمال اللبنانيين الذين يعانون.
وتوضح الأبحاث باستمرار أن اللاجئين مساهمون حقيقيون في النمو الاقتصادي على المدى الطويل، إذا سمح لهم بالعمل. فهم يتمتعون في الغالب بمهارات وخبرات تجعلهم قادرين بصفة خاصة على إقامة المشروعات.
ويقول أصحاب الشركات أنه يمكن عادة الاعتماد على المهاجرين قسريا أكثر من غيرهم، وهم يبقون لفترة أطول في الشركات، وشكاواهم أقل بوجه عام.
ويشير التقرير إلى أنه عندما يتم رفع القيود المفروضة بسبب جائحة كورونا، ويعاد فتح المصانع، واستئناف النشاط الاقتصادي، سوف تتوفر للشركات التي تعتمد على التصدير فرصة جيدة. واللاجئون السوريون قادرون تماما على القيام بدور محوري في توسيع نطاق الصادرات الزراعية اللبنانية، ولكن يتعين أيضا السماح لهم بالمشاركة في القطاعات الأخرى- مثل التصنيع- لزيادة الصادرات.
وأكد الباحثان ضرورة قيام صانعي السياسات الدوليين بتشجيع الحكومة اللبنانية على تبني موقف جديد تجاه اللاجئين يفيد مجتمعات النازحين والمجتمعات المضيفة لهم على السواء. ويتعين في السنوات القليلة المقبلة أن تتحول المساعدات الدولية من مساعدات طارئة قصيرة الأجل إلى استثمارات أطول أجلا لتكون مكملة لمساهمات القطاع الخاص.

شاهد أيضاً

أعْذَرَ مَنْ أَنْذَر.. العبيدات يحذر

موقف المواطن العربي العادي وخاصة السوري من إسرائيل بدأ في التغير بعد ثورات الربيع العربي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *