الإنزلاق يتسارع في لبنان… و”ثورة الجياع” بدأت

“الراي الكويتية”:

 

يتسارع انزلاقُ لبنان إلى عيْن عاصفةٍ عاتيةٍ على وقْعِ انقطاعِ «حبال الأمان» الواحدِ تلو الآخَر بما يضعُ البلادَ على أبوابِ سيناريواتٍ متفجّرة هي التي تتقاذف استقرارَها أزمةٌ «مثلثة الرأس»، مالية – اقتصادية – سياسية، و«ثورةُ جياعٍ» تُعانِد رياحاً متعاكسة، واحدة تبدو مدجَّجَةً ببنك أهداف بوليتيكو – أمنية، وأخرى معبأة بالغضب الساطع من الواقع المعيشي الكارثي المفتوح على «آتٍ أعْظم».

ولم تكن عابرة الأبعادُ الخطيرةُ التي تعطى لخروج الشارع اللاهب عن الضوابط السلمية لـ «ثورة 17 تشرين» وشعاراتها انطلاقاً من «ليالي المواجهات» في طرابلس ومناطق أخرى بين محتجّين والجيش اللبناني، وسط إبداء أوساط واسعة الإطلاع قلقاً بالغاً من خَطَرِ انفلاتِ الأرض مع الجوع الزاحف والغلاء الهستيري ودخول لبنان مرحلةً من الاضطراباتِ التي يصعب التكهّن بمآلاتها.

وتوقفت الأوساط عبر «الراي» بتمعّن عند ما بدا وكأنه «ليلة القبض على المصارف» ولا سيما في طرابلس التي شهدت ليل الثلاثاء 28 / 4 / 2020،  صِدامات عنيفة بين المتظاهرين والجيش تخللتْها عمليات كرّ وفرّ واستعمل المحتجون خلالها الحجارة والمفرقعات النارية وصولاً إلى حرق المصارف فيما ردّت العناصر العسكرية بالرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع ما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى (منهم 50 عسكرياً بينهم 6 ضباط)، في موازاة عمليات قطْع طرق في العديد من المناطق وتحرّكات غضب في اتجاه مصرف لبنان المركزي في الحمراء لم تخلُ من أعمال شغب ترافقت مع استهداف صرافات آلية في أكثر من منطقة بقاعية وفي صيدا وصولاً إلى فرن الشباك.

وما فاقَمَ مخاوف هذه الأوساط الوقائع الآتية:
* أن انفجار الشارع الذي يرتبط في جانبٍ مباشر بقفزة السقوط الهائلة للواقع المعيشي – الاقتصادي يتزامن مع منحى «انتقامي» سياسياً في سلوك السلطة حيال معارضيها الذين يخشون وجود اتجاه لإرساء أدوات عمل بوليسية تجت عنوان مكافحة الفساد، وهو ما يعزز شعور جماعات سياسية وطائفية بالاستهداف وتالياً ربما بالحاجة إلى انتفاضة من خارج السياقات التي حددتها ثورة 17 تشرين.

* تعاطي بعض الدوائر مع أحداث طرابلس وأخواتها على أنها من ضمن أجندة يدْفع في اتجاهها «حزب الله» من الخلف هو الذي كان نجح مبكراً في اختراق الانتفاضة عبر مجموعات صوّبت المعركة في اتجاه المصارف وحاكمية البنك المركزي في إطار تصفية الحساب مع الولايات المتحدة وعقوباتها على الحزب وطمْس الأسباب الحقيقية للانهيار الناجم عن جعل لبنان «رهينة» في الصراع الاقليمي.

وبهذا المعنى تتساءل هذه الدوائر إذا كان استهداف المصارف بعد التلويح بإقالة حاكم المركزي رياض سلامة، في سياق «تحرّشِ» حزب الله بالمجتمع الدولي ولا سيما واشنطن لاستدراجهما لأخذٍ وردّ في شأن الوضع في لبنان ومساعدته «بأقلّ الشروط» كما في شأن العقوبات على إيران، وخصوصاً بعد المعلومات عن إدارة الولايات المتحدة «الأذن الطرشاء» لمحاولات جرّها إلى مقايضاتٍ، ملاحِظة أن تطورات الايام الأخيرة لا تضع فقط القطاع المصرفي، الذي يشكّل أحد مظلّات اطمئنان أميركا لالتزام لبنان العقوبات، في «مرمى النار» بل هي تنطوي أيضاً على محاولاتٍ لزجّ الجيش اللبناني في صِدام مع الشارع، وهي المؤسسة الشريكة في القرار 1701 والتي تُعتبر أيضاً عنوان ثقة خارجياً.

* ما أوردته «وكالة الأنباء المركزية» عن أن أجهزة مخابرات غربية حذّرت لبنان من «أن مجموعات صغيرة من العناصر الارهابية قدمت من سورية في اطار محاولة الانتقال الى دول أخرى، اندسّت بين الثوار في طرابلس وساهمت في أعمال الشغب والعنف، ويخشى ان تشكل سبباً رئيسياً لانفجار واسع».
وفيما أبدت الأوساط المطلعة اقتناعاً بأن هذه الأبعاد تؤكد أن الشارع في لبنان بات «حمّال أجندات» لن يفيد منها إلا الأكثر تنظيماً، لاحظت أن ارتفاع منسوب السخونة في الوضع الداخلي استدعى ما يشبه «الاستنفار» الخارجي لحضّ الحكومة على بت الخطة الإصلاحية (يفترض أن تقرها في جلسة لمجلس الوزراء اليوم) كشرطٍ لمدّ يد المساعدة والتحذير من وقوع البلاد فريسة الفوضى.

المصدر : موقع ” MTV” اللبناني 

شاهد أيضاً

ماذا بعد الانبهار بـ”حمـ.ـاس” والانهيار في إسـ.ـرائىل… مَن يمسك بزمام المبادرة ومَن يخشى الانزلاق؟

في حال اضطرت إدارة بايدن إليها – أن تثبت جديّة الخيارات العسكرية. هناك في سوريا يمكن قطع الطريق على برنامج إيران الإقليمي للامتداد من إيران إلى العراق وسوريا وإلى لبنان على الحدود مع إسرائيل وعلى البحر المتوسط. وهناك في سوريا يمكن للوسائل العسكرية الأميركية والأوروبية إسقاط الرئيس السوري الحليف لإيران، بشار الأسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *