مهندسو يبرود سبقوا أطفال درعا بـ/20/ عاماً..كلمة السر “يسقط تشاوشيسكو العرب”


فارس الرفاعي – زمان الوصل

مع سقوط جدار برلين وأنظمة دول أوروبا الشرقية ومنها رومانيا أواخر الثمانينات كان الكثير من السوريين يتمنون المصير نفسه لحافظ الأسد، وكانت مخابرات النظام تتخوف جداً من دعم النظام العالمي لأي تحرك في البلاد، مما جعلهم يستميتون في إسكات أي صوت يتعالى أو أي نقاشات علنية أو سرية تتعلق بالديكتاتور الروماني المعدوم، نظراً لحالة الشبه بـ”حافظ الأسد” والظروف التي كانت تمر بها سورية.

وبدأ الشبان بكتابة شعارات مناهضة للنظام على الجدران في بعض المدن السورية تدعو للإطاحة بالأسد الأب واعتبرت السلطة آنذاك أن من يقوم بهذه الأفعال هي الأحزاب السياسية المعارضة، ما حدا بها لتأديب الناس وترويعهم لقمع أي بادرة احتجاج أو ثورة.

ومن هؤلاء الشبان المهندس “منير فرنسيس” الذي دفع حياته ثمناً لعبارة كتبها على جدار إحدى مدارس “يبرود” في سيناريو سيتكرر بعد أكثر من 20 عاماً مع أطفال درعا الذين أشعلوا شرارة الثورة عندما خطوا أيضاً عبارات مناوئة للنظام من مثل “اجاك الدور يا دكتور” بعد أن شاهدوا على شاشات التلفاز مصير الطغاة العرب على يد شعوبهم.

لكن حظ هؤلاء الأطفال كان أفضل نسبياً ونجوا من محرقة الأسد فيما قضى الشاب المحبوب والمعروف بسمعته الطيبة لدى أهالي المدينة الواقعة على سفح جبال القلمون تحت التعذيب..

ذات يوم من عام 1990 وتحت جنح الظلام تسلل عناصر من مخابرات النظام ليعتقلوا ثلاثة مهندسين من منازلهم في مدينة “يبرود” بتهمة كتابة عبارة “يسقط تشاوشيسكو العرب” على أحد الجدران ، وقضى أحدهم تحت التعذيب فيما تعرض الآخران لأذيات جسدية ونفسية لا زالت آثارها باقية إلى الآن وروى أحد أبناء “يبرود” الذي اختار “صقر يبرود” أسماً مستعاراً له لظروف أمنية أن بعض الشبان في المدينة كتب على حائط ثانوية الشهيد “محمد خير عيناوي” عبارة “يسقط تشاوشيسكو العرب” وعندها -كما يقول محدثنا- وشى بعض محسوبي النظام بالمهندسين “سمير الحداد” و”منير فرنسيس” و”يوسف ميخائيل غيث” الذين كانوا من ذوي الميول اليسارية.

وأردف محدثنا أن عناصر من الأمن السياسي برفقة رئيس شعبة الحزب في “يبرود” اقتحموا منازل الشبان الثلاث وتم اقتيادهم إلى مفرزة الأمن العسكري في النبك التي كان رئيسها عقيد من عائلة “اليوسف”، وهناك -كما يؤكد- تم قتل “منير فرنسيس” رفساً بالأقدام بعد أربعة أيام من اعتقاله، وهو الذي كان على وشك الزواج بعد تخرجه من كلية الهندسة بجامعة دمشق.

وروت الكاتبة “خولة دنيا” في شهادة لها أنها زارت منزل الشهيد “منير فرنسيس” بعد خروجها من السجن، فعلمت أنه أصيب بنوبة كلوية جراء الضرب الهمجي في مخفر “النبك” قبل المجيء به إلى الفرع، وعدم تلقيه العلاج، واستمرار التعذيب ومُنع أهله من فتح التابوت المصفح الذي وضعت فيه جثته ، كما أجبروا –كما تقول- على دفن ابنهم من دون وداع يليق به”.

بعد وفاة “فرنسيس” تحت التعذيب واستنفار أهل “يبرود” من مسيحيين ومسلمين تم نقل رفيقيه “سمير الحداد” و”يوسف ميخائيل غيث” الذي لم يكن قد تجاوز العشرين من عمره إلى مشفى “المجتهد” بدمشق بحالة يُرثى لها جراء التعذيب، وتم وضعهما تحت رقابة شديدة بإشراف الأمن العسكري.

ولفت محدثنا الى أن أحد الشابين المعتقلين الناجين وهو “سمير الحداد” مُنع من زيارة أهله له، ولكن طبيبة من “يبرود” تُدعى “م.ع” اهتمت به أثناء مكوثه في المشفى، وأوصت من تثق بهم من الأطباء بالعناية به من وراء الستار، كي لا تلفت الأنظار إلى أن تعافى قليلاً وتزوج بها فيما بعد.

وتابع أن الحداد “كان في حالة نفسية وصحية سيئة للغاية حتى أنه لم يتمكن من المشي، إلا بعد عام من الإفراج عنه.

وكشف “صقر يبرود” أن جلادي الحداد مزقوا باطن قدميه من كثرة الضرب والتعذيب بالعصي والأكبال الرباعية، ووضعوه بعد ذلك في قسم العناية المشددة في المستشفى لمدة طويلة.

وبعد الإفراج عنه عقب ست سنوات من الاعتقال نصحه أصدقاؤه ببيع أملاكه والهجرة خارج سوريا حيث يعيش مع زوجته الآن في فرنسا.


كلمات دلالية:
يبرود التعذيب لـ “حداد فرنسيس” النظام كما تحدث الشبان⁉
الصورة للشهيد “فرنسيس الحداد”

شاهد أيضاً

بالصور: أكبر المظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة

اسطنبول لندن لندن مصر المغرب فرنسا اسبانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *