وقود الحرب…عناصر التسويات مرتزقة الثورة والطاعة لمن يدفع أكثر

 

سوريتنا (خاص)

تتواتر المؤشرات حول “ضعف” و”ترهل” في صفوف ميليشيا اﻷسد، رغم سيطرته على معظم المناطق السورية، بدليل اعتماده مؤخرا على ما يسمى بـ”عناصر التسويات”.

فقد قتل قبل أيام عنصران تابعان لميليشيا اﻷسد من أبناء مدينة التل بريف دمشق، على جبهات القتال ضد الفصائل الثورية المعارضة بريف حلب الغربي، بعد أسابيع من زجهم في اﻷعمال القتالية.

بدوره موقع “صوت العاصمة” المعارض، أورد في تقرير له؛ أن أهالي مدينة التل أعلنوا مقتل اثنين من أبنائهم بعد أسابيع من انضمامهم للفرقة الرابعة، بعد الزج بهم مباشرة للقتال على جبهات الشمال السوري ضد فصائل المعارضة السورية المسلحة، وهما الشاب “إبراهيم قاسم”، و”عيسى البني” وهذا اﻷخير لن يتسلم ذويه حثته، دون توضيح الأسباب والاكتفاء بتبليغ ذويه بمقتله.

وبحسب ذات التقرير فإنّ عدد القتلى من عناصر التسويات، وتحديداً من أبناء مدينة التل بلغ أكثر من 90 شاباً، معظمهم كانوا في صفوف فصائل المعارضة قبل سيطرة النظام وتسوية أوضاعهم، وقد قتل معظمهم على جبهات القتال في ريف اللاذقية وإدلب وحلب.

ويشار إلى أنّ أجهزة اﻻستخبارات التابعة للأسد عمدت منذ إحكام سيطرتها على ريف دمشق، على ملاحقة الشبان وتجنيدهم، بعد أن قتل معظم العناصر من أبناء المناطق الموالية للأسد خلال الأعوام الأولى من انطلاق الثورة السورية.

شباب على الجدران:

وتؤكد معظم التقارير الموالية، ومواقع التواصل اﻻجتماعي، أنّ محافظة طرطوس وحدها، خلت من الشباب الذين يغرد ذووهم على “التويتر، والفيس بوك”؛ أنهم باتوا حاضرون بصورهم على جدران طرطوس فقط، في إشارةٍ على سخط هؤلاء من النظام، كما يرى مراقبون.

ولم تخلو مدينة على الساحل السوري، من الحديث عن تزايد أعداد قتلاهم، ﻻسيما في المناطق ذات الطابع “العلوي”، وتحديدا القرى الساحلية، ما خلق ضرورة لدى النظام للخروج من بين براثن حاضنته التي استهدفته باﻻنتقاد الحاد.

الكرسي إلك والموت لوﻻدنا:

وسبق أن رفع موالون من أبناء الطائفة “العلوية” ﻻفتاتٍ تحت شعار؛ “الكرسي إلك والموت ﻷوﻻدنا”، في ظاهرةٍ غير مسبوقة استهدفت رمز النظام، بوجه خاص، بشار اﻷسد، ما يعني إمكانية العصيان في وقتٍ ﻻحق، أو ما يراه محللون مؤشرا على نفاذ الطاقة الشبابية الموالية للأسد في تلك المناطق، واستنزافها.

حلول شيطانية:

وباتت بالتالي؛ حاجة ميليشيا اﻷسد، إلى “المقاتلين” ضرورة، في وقتٍ كان شهد فيه ما يسمى بالجيش، حاﻻت انشقاق كبيرة، على خلفية الزج به في عمليات قمع الحراك السلمي للثورة.

واستطاع النظام اﻻستثمار في ورقة “التسويات”، وتعمد الزج بهؤلاء “المقاتلين” الذين اختاروا “المصالحة”، أو العودة إلى ما يسمى بـ”حضن الوطن”، والزج بهم في الصفوف اﻷولى في عملياته العسكرية، ﻻسيما منذ آذار /مارس العام الفائت.

وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الحشود على جبهات الشمال المحرر ضمت عناصر من الفرقة الرابعة ولواء القدس الفلسطيني، فيما قال ناشطون معارضون «إن من بين العناصر التي استقدمها النظام مسلحون من المدن والبلدات التي أجرى فيها (تسويات) مع الفصائل العسكرية في دمشق وريفها ودرعا جنوب البلاد».

والتحق هؤلاء المقاتلين “عناصر التسويات” بوحدات ما يسمى “الدفاع الوطني”، أو “الفيلق الخامس” أنشأه الروس للدفع بهم إلى إدلب ضمن مواجهة مباشرة مع الثوار الذين رفضوا البقاء تحت سيطرة اﻷسد.

وذكرت مواقع معارضة أن النظام استقدم نحو 400 مقاتل من فصيل «جيش التوحيد» الذي ينشط في ريف حمص الشمالي، وتم نقلهم بمرافقة ما يسمى بـ«قوات النمر»، إلى منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي.

واﻷرقام السابقة تصاعدت بعد أخبارٍ متواترة ويومية تؤكد ملاحقة أبناء الغوطة الشرقية والغربية، وإلحاقهم مباشرةً في جبهات القتال.

استراتيجية إبليس:

ويؤكد هذا المسار أنّ موسكو قدمت السيناريو فهي العرّاب له، وتمت بلورته بالتعاون بين ما يدعى “وزارة المصالحة الوطنية ومركز حميميم للمصالحة”، والتي تصبّ في هدف رئيسي متمثل بتمكين سلطة “اﻷسد” قبل الشروع بأي حل ضمن مسار العملية السياسية.

واﻻستراتيجية السابقة، بدأت تحديدا في منطقتي “الهامة وقدسيا” بريف دمشق الغربي، فهي أولى المناطق التي تم تهجير أهلها بعد مدينة “داريا”، وتم اﻻستفادة من مقاتليها الذين انحازوا للنظام، ويؤكد نشطاء معارضون، لـ”سوريتنا” أنّ غالبيتهم ممن ركبوا الموجة الثورية، ﻷهداف متعددة، وسقطت المعارضة في شراك عدم محاسبة الكثير منهم، أثناء اﻻنشغال بقتال ميليشيا اﻷسد.

وقال الناشط “أبو البراء الشامي”؛ من ريف دمشق، أنّ ما ينطبق على منطقة بالنسبة للثورة يمكن تعميمه على غيرها.

وأردف؛ موجة التصفيات البينية بدأت فعليا بعد سيطرة النظام على تلك المناطق عبر تصفية الأوراق المحروقة، واﻻستعاضة عنها بغيرها، كما يحدث في درعا، وريف دمشق، وأضاف؛ وﻻ ننكر أن بعض التصفيات تمت على يدي من بقي من الثوار في تلك المناطق.

أهداف التسويات:

وكان معلوماً أن إنشاء استراتيجية “التسويات” لم يكن عبثياً، فهو باب مفتوح لتطويع أو إرغام من بقي من الشباب في اﻷعمال القتالية، ويمكن إدراج الأهداف بالنحو التالي، على سبيل التحديد التاريخي:

تجميد العمليات القتالية، تحت مسمى “الهدن المحلية المؤقتة”، ومن ثم فتح قنوات تواصل مع بعض الفصائل التي يصفها نشطاء بأنها “مرتزقة، أو من المستفيدين الذين ركبوا الموجة”. وﻻ تخلو منطقة من نماذج مشابهة، سواء على مستوى اﻷفراد أو الكيانات المقاتلة.

وتبع هذه الخطوة تشكيل لجان محلية تمكنت من اختراق البنية المجتمعية لقوى الثورة، وبالتالي كانت نواةً أرادها النظام لفرض السيطرة تحت عباءة “السلطة المركزية”.

وتمكن نظام اﻷسد من استمالة بعض الحوامل المجتمعية وكسب ولائها مستفيداً من الهوة المناطقية بين المدن والقرى في الكثير من المناطق، اﻷمر الذي خلق معادلة توازن استطاع نظام اﻷسد اختراق بنيتها، وتشكيل قيادتها على غرار ما حدث في الغوطة الشرقية، وتحت عباءة “الدين” وبرز في حينها على سبيل المثال، اسم الشيخ بسام ضفدع (استخدم اسمه لاحقاً لوصف لجان المصالحات ممن كانوا من المعارضة بـ “الضفادع”).

ويشير في هذا السياق مركز “جسور للدراسات” أنه في بنود المرحلة النهائية من اتفاقيات الهدن المحلية، اشتراط النظام “إجراء تسوية للمقاتلين بما فيهم المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية”، من أجل التأكيد على إعادة سلطة السلاح إلى المؤسسة العسكرية، والفصل بين المقاتلين الرافضين لعودة سلطة النظام والموافقين على ذلك، وبالتالي تتم عملية إخراج المقاتلين الرافضين وذويهم وكل من يرفض عودة سلطة النظام من المدنيين باتجاه منطقة أخرى وهي الشمال السوري، وبهذه العملية تصبح سيطرة النظام على المناطق تميل نحو الاستقرار الحذر بعد إنهاء أركان سيطرة المعارضة العسكرية والاجتماعية. 

وﻻءات زائفة:

بالمجمل؛ تبقى تلك “الكيانات” التي تقاتل تحت راية “اﻷسد” في النهاية “مرتزقة” يتم دفعها لتلقي صدمة الاستنزاف في معارك تخوضها مع المعارضة، بعد أن سقطت اﻷخيرة في تكتيك مكشوف، وضعيف، متمثل بقيام “هيئة تحرير الشام” باﻻنغماس، بصفوف ميليشيا المصالحات، والتنكيل بهم، لتجد نفسه مباشرة بين فكي الطيران في الجو والقوات الخاصة المدربة على اﻷرض، وبالتالي؛ استنزافها.

وعلى العموم؛ يدرك الروس واﻷسد، أنّ مسألة “الوﻻء والبراء” بالنسبة لمرتزقة التسويات، ﻻ تخضع لعقيدة قتالية واضحة وﻻ يمكن إدراجها في المسنى “الوطني”، وإنما هي خلاصة لسياسة “من يدفع أكثر انحاز إليه” وفي أحسن حالتها؛ “خضوع بعض الشباب لطاعة اﻷقوى، واستسلامهم”.

بالتالي؛ فإن تلك الوﻻءات الزائفة، على قوتها العسكرية، تبقى حالة “وهمية” وتشكل “نقطة ضعف” قد تنقلب معها المعادلة ميدانياً، إن نجحت المعارضة في استثمارها، وهذا يحتاج معارضة مرنة تمتلك قرارها السيادي والسياسي.

 =====

 

شاهد أيضاً

بالصور: أكبر المظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة

اسطنبول لندن لندن مصر المغرب فرنسا اسبانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *