العميد الركن أحمد رحال يكتب لموقع”سوريتنا”.. أستانا بنسختها الـ17 … مفاوضات أم مسكنات أم …. ؟؟



كتب العميد االركن أحمد رحال* لموقع “سوريتنا”

أسدل الستار على اجتماع أستانا بنسختها الـ17 وصدر بيانه الختامي كسابقاته من بيانات تشبه بيانات الجامعة العربية التي ترضي كل الأطراف ولا تحدد فيها آليات التنفيذ لأنه ليس مطلوباً منها إصلاً التنفيذ, إضافة لبنود بروتوكولية كاللازمة بالموشحات تقال للمحافظة على اللحن متناسقاً ولملء الفراغات بالتكرار.

البداية دائماً في بند (سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية) الذي لا يختلف عليه سوري بتاتاً, لا معارض ولا موالي, لكن يجب أن يوضع, ثم يأتي بند مكافحة الإرهاب الذي يفهمه كل طرف كما يشاء ويطبقه كما يشاء ويقتل فيه من أراد بحجة مكافحة الإرهاب, وجميعنا يعلم أن بشار الاسد وروسيا وإيران اعتبرت كل من خرج ضد نظام الاسد هو إرهابي, ومع ذلك لا ضير عند وفد المعارضة بالتوقيع على هذا البند الفضفاض.

ثم بند الحفاظ على الهدوء والاستقرار في مناطق خفض التصعيد أو التوتر, ورغم أن تلك المناطق قد ابتلعتها روسيا ونظام الأسد، وبقيت أجزاء فقط من منطقة خفض التصعيد الرابعة, ولولا الإصرار التركي بعدم التنازل عنها لكانت اليوم تحت سيطرة نظام أسد وروسيا وإيران, ومع ذلك يتم توجيه خطاب بصيغة الجمع بعملية (إستغباء) واضحة للقارئ والمستمع, رغم أن الجميع يدرك تلك المسرحية وتلك العبارات الكاذبة, ثم يختم البند بعبارة (ضرورة الحفاظ على الهدوء على الأرض من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات بشأن إدلب), على الرغم أن الجانب الروسي قبل نظام أسد وجيشه هو من يخرق ويرفض تنفيذ تلك الاتفاقات, وإلا لو كان هناك التزام بتنفيذ الاتفاقيات لكانت مدن مورك واللطامنة وخان شيخون ومعرة النعمان وسراقب تخضع الآن للنفوذ التركي, ولما أٌجبر الأتراك على سحب نقاط مراقبتهم الثمانية من مواقعها التي أصبحت تحت سيطرة الإحتلالين الأسدي والروسي لمحيط الخط (إم فور) مؤخراً, فوفقاً للاتفاق الموقع بين الرئيسين أردوغان وبوتين في مطلع آذار/ مارس عام 2020 تخضع تلك المناطق للنفوذ التركي وتحت سيطرة فصائل الثورة.

ثم يأتي دور شرقي الفرات من خلال بند يمنع أي تفكير انفصالي أو حكم ذاتي وهنا تتلاقى الأطراف الثلاثة على هذا البند, أما الأخطر فهو بند ما زال وفد المعارضة يستغبي الجميع عندما يقول (وجددوا معارضتهم للمصادرة والتحويل غير القانونيين لعائدات النفط التي ينبغي أن تعود لسورية), وسورية هنا تعني نظام الأسد, بمعنى أن وفود أستانا بشقيها المعارض والموالي تطالب بعودة النفظ لنظام أسد (لتامين أرصدة مادية لآلة القتل الاسدية), ولا داعي لاستغبائنا أكثر بتبريرات وشروحات غير مقبولة وغير مجدية, ومع ذلك يوقع عليه رئيس وفد أستانه (المحسوب) على الثورة.

ثم يذهب لبند خامس يخبرنا فيه عن: (لاحظ أن عملية التوطين المحلي الجارية في درعا ودير الزور قد تساهم في جهود إعادة الاستقرار), ولا ندري هل المقصود توطين الزينبيون أم الفاطميون أم عائلات المرتزقة الذين استقدمتهم إيران إلى سورية, ويوقع الوفد حتى لو كان يعلم أن المكتوب لا يتطابق نهائياُ مع ما يحصل على أرض الواقع, وأن عملية التشييع تضرب أطنابها في سورية وخاصة في دمشق وأرياف القنيطرة وأرياف دير الزور التي بات أهلها ممنوعون من العودة لديارهم كما في القلمون الغربي ومدينة القصير المحتلة من قبل عصابات حزب الله والتي أصبحت عاصمة الكبتاغون وممنوع على أهل القلمون العودة لبيوتهم وقراهم ومدنهم.

ثم يأتي بند إدانة الهجمات الإسرائيلية على مواقع الإيرانيين في سورية, لينصب الوفد نفسه مدافعاً عن الاحتلال الإيراني, فكلنا يعلم أن كل الضربات الإسرائيلية الجوية والصاروخية تتم وفقاً لتفاهمات روسية_ إسرائيلية, وتستهدف فقط مواقع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وميليشيات تتبع لإيران دون الاقتراب من مواقع جيش أسد, وغالباً لا تدان تلك الهجمات حتى من الجانب الروسي, أو تدان ببيانات (إسقاط واجب), ومع ذلك يصر الوفد المحسوب على الثورة بالتوقيع والإدانة والدفاع عن إيران.

ثم يأتي بند النفاق والكذب والتضليل (أعربوا عن قناعتهم بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع السوري، وأكدوا من جديد التزامهم بدفع عملية سياسية قابلة للحياة ودائمة بقيادة وملكية سورية وتيسرها الأمم المتحدة بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254), وكل من يضع توقيعه يعلم أنه بند للمناورة والخداع, وأن فكرة الحل السياسي غير موجودة أساساً في أجندات روسيا وإيران ونظام أسد, وأن مشكلة الأتراك مع هؤلاء أنهم يريدون استعادة كل الجغرافية السورية لنظام أسد, وأن الروس لم يخفوا يوماً هذا الهدف, أما الحلول السياسية وكل المفاوضات التي حصلت وتحصل سواءً بجنيف أو باللجنة الدستورية, كان لوفد النظام ومن خلفهم الروس وإيران مهمة واحدة فقط, هي تفريغ تلك المفاوضات من مضمونها, واللعب على عامل الوقت, وتصفير العداد بنهاية كل جولة, والعودة بالجميع للمربع الأول, وهذا أمر لا يحتاج لكثير من الجهد ليكتشفه الآستانيون ومع ذلك يوقعون.

ثم يأتي بند تسول النظام والشحادة الدولية عبر استغلال معاناة السوريين لضخ مزيد من ملايين الدولارات بخزينته الفارغة, ولا أدري كيف لنظام حاصر شعبه لسنوات, ومنع عنهم الغذاء والماء والدواء, أن يتشدق اليوم بحرصه على استلام المساعدات الأممية, وكل العالم يعلم أن تلك المساعدات والأموال التي يسرقها بحجة كوفيد/19, تذهب كلها لأرصدة النظام التي يوظفها للقتل والإجرام وتصنيع البراميل والأسلحة الكيماوية, وتمويل الشبيحة والمرتزقة, وقسم كبير منها يذهب لتبضع أزياء وأحذية أسماء الأسد من أسواق لندن وباريس, ومع ذلك هناك من يوقع باسم الثورة.

ثم يأتي بند ليخبرنا أن من شرد 14 مليون سوري وقتل مليون واعتقل مليون وأعطب مليون مواطن, قلبه حنون اليوم ويطالب بعودة فلذات أكباده للوطن, ليس بهدف العودة لبيوتهم بل العودة لاعتقالهم وقتلهم كما خرج تقرير موثق (مؤخراً) من الأمم المتحدة ليؤكد خظورة عودة أي لاجئ لسورية, بسبب حالة الانتقام والقمع لأجهزة الاستخبارات الأسدية, ومع ذلك هناك من يوقع باسم الثورة دون نقاش.

أما بند المعتقلين فهو العجب العجاب, على مدار 17 جولة لم يطلق سراح معتقل واحد, ومع ذلك يخرج علينا رئيس الوفد ليتباكى على الشاشات ويظهر لنا حرصه على المعتقلين وهو ومن معه من فرطوا بكل أوراق القوة التي كانت يمكن أن تجبر النظام على الرضوغ وإطلاق سراحهم, ثم يخادعون الناس بجريمة حصلت في 16 كانون الأول من هذا العام, ويعتبرونها مثال وشاهد, وهي جريمة ارتكبت بضوء نهار, عندما أطلق سراح خمسة من القتلة ومجرمي الحرب من عصابات النظام مقابل خمس مدنيين تم اعتقالهم منذ شهر أو شهرين في شوارع حلب بقضايا جنائية ومخالفات جمركية ولا علاقة لهم بالثورة ولا بالحراك المسلح ولا بمقارعة النظام, وكذلك يوقع البند ودون أي خجل.

هل بقي ما يقال؟؟

نعم بقي أن نقول شكرا لوفد أستانا … فقد أبهرتمونا بأدائكم الـ ….

*عميد ركن ومحلل عسكري واستراتيجي، شغل في الحكومة السورية المؤقتة مناصب عسكرية قيادية، وكان معاونًا لوزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، حاصل على شهادة دراسات عسكرية عليا من الصين.

شاهد أيضاً

عن الاصطفاف الأميركي- الأوروبي مع إسرائيل

خطار أبودياب شكلت مفاجأة تخطي جدار غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منعطفا في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *