ما بعد ميركل.. تعثر “الخضر” يرجح سيناريو الاستمرارية

حسن زنيند | 10 / 7 / 2021

باتت تشريعيات الخريف المقبل الضابط الأساسي لإيقاع الحياة السياسية الألمانية، كحدث مفصلي قد ينقل البلاد لمرحلة جديدة، يرى مراقبون أن “الخضر” قد يلعبون فيها دورا مركزيا، فيما يبدو أن تحولا من هذا النوع لا يزال سابقا لأوانه
تكتسي الانتخابات التشريعية الألمانية المقرر إجراؤها في الخريف المقبل (26 سبتمبر/ أيلول 2021)، أهمية استثنائية لأنها ستؤسس عمليا لمرحلة جديدة، بعدما قررت المستشارة أنغيلا ميركل الانسحاب من الحياة السياسية بعد 16 عاما على رأس أكبر بلد أوروبي. ولا تزال التساؤلات مفتوحة حول الاسم الذي سيخلفها، وعما إذا كان الألمان سيختارون التغيير الجذري بشكل يعيد تشكيل المشهد السياسي برمته، أم أنهم سيسلكون طريقا أكثر اعتدالا بمعنى التحول ضمن الاستمرارية. وكان يُعتقد على نطاق واسع أن حزب الخضر قد يلعب دورا رئيسيا ليكون العنوان الأبرز لقطيعة مع عهد ميركل. غير أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن طريق الخضر إلى السلطة العليا لن يكون مفروشا بالورود، إذ يبدو أن ما بات يسمى بـ”فقاعة” أنالينا بيربوك، مرشحة الحزب إلى منصب المستشارية في طور الانقشاع إعلاميا، في ظل التراجع المطرد لشعبيتها بسبب عدد من الأخطاء التي ارتكبتها.

وبهذا الصدد كتبت “فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ” (التاسع من يوليو/ تموز 2021) “من الواضح أن مرشحة الخضر التي تسعى لحكم ألمانيا، ليست في وضع يسمح لها بتكوين فريق قوي ومتصل بشبكات قادرة على استشعار ورصد الأزمات مبكرًا، يبدأ بإطفاء الحرائق الصغيرة قبل أن تصبح كبيرة”.

وهناك من يرى أن البروز الإعلامي لبيربوك وحتى الاهتمام الشعبي المتزايد بحماية البيئة ليسا كافيين لإحداث ثورة وبالتالي قطيعة سياسية جذرية في الانتخابات المقبلة.

التجربة أظهرت أن استطلاعات الرأي ليست علما دقيقا لتوقع نتائج الانتخابات. وهناك أمثلة كثيرة على ذلك في تاريخ ألمانيا الحديث، فالمستشار السابق غيرهارد شرودر حقق عشر نقاط مائوية إضافية، مكذبا ما توقعته الاستطلاعات في حملتين انتخابيتين متتاليتين (2005 و2005). كما أن أنغيلا ميركل والتكتل المسيحي كانا في حدود 50% من نوايا الناخبين، غير أن النتائج النهائية لم تتجاوز 35%. والأمثلة كثيرة في هذا الشأن، فقد وصلت شعبية الحزب الديمقراطي الاشتراكي تحت قيادة مارتن شولتس إلى ذروتها عند 33 في المائة في الحملة الانتخابية لعام 2017، فيما لم تتجاوز النتيجة الفعلية 20.5 في

مسائية DW: السباق إلى مكتب المستشارية الألماني. من يحسمه؟
الخضر يحلمون بالبصم على مرحلة ما بعد ميركل؟
حزب الخضر ظل متشبثا بترشيح أنالينا بيربوك لمنصب المستشارية، رغم اقرارها بارتكاب “أخطاء” أضعفتها في السباق نحو خلافة أنغيلا ميركل. وقد عبر الخضر عن رغبتهم في أن يكونوا أحد العناوين الرئيسية في مرحلة ما بعد انسحاب المستشارة القوية من الحلبة السياسية. وقالت بيربوك في مؤتمر تعيينها مرشحة من قبل الحزب (12 يونيو/حزيران 2021) إن “حقبة تشارف على نهايتها وترتسم أمامنا إمكانية بدء حقبة جديدة”. وأضافت “حان الوقت لتجديد بلدنا”. وعكس الانطباع الذي ساد في البداية، فإن آفاق فوز كاسح للخضر يبدو بعيد المنال بعد أن كانوا أصحاب أوفر الحظوظ في استطلاع أجري في 26 سبتمبر/ أيلول.

فلوهلة، اعتقد المراقبون أن الخضر قد يتزعمون ثورة شاملة تعيد تشكيل المشهد السياسي الألماني بعد تصدرهم لفترة نوايا تصويت الناخبين، غير أنهم تراجعوا بشكل ملفت في الاستطلاعات الأخيرة أمام التكتل المسيحي المحافظ رغم ضعف شعبية زعيمه أرمين لاشيت.

كما تكبد الخضر هزيمة قاسية في السادس من يونيو/ حزيران 2021 في الانتخابات المحلية في ولاية سكسونياـ أنهالت، إذ كانوا يأملون في تجاوز عتبة عشرة بالمائة من الأصوات، غير أنهم لم يتجاوزوا 6%، متأخرين عن التكتل المسيحي (36 بالمائة) واليمين الشعبوي (21 بالمائة). ورغم أن الأمر يتعلق بانتخابات محلية، لكنها اعتبرت مؤشرا على أن الخضر ليسوا في وضع يجعلهم قادرين على تحقيق اكتساح على المستوى الاتحادي، رغم أن موضوع البيئة والتغير المناخي تتصاعد أهميته باطراد، وهو ما سيظل أهم رأسمال لتعزيز دور الحزب في المشهد السياسي. “فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ” كتبت بهذا الصدد (الخامس من يوليو) “سوف يفعل الخضر كل ما بوسعهم لإعادة موضوع التغير المناخي إلى دائرة الاهتمام. التكتل المسيحي كما الحزب الديمقراطي الاشتراكي ضعيفان من حيث جهلهما لكيفية تحقيق الأهداف المناخية التي حددوها بأنفسهم”.

بيربوك ـ مرشحة حزب الخضر في عين الإعصار
تواجه رئيسة الحزب لمنصب المستشارية أنالينا بيربوك عقبات في توجهات الرأي العام، إذ أظهر آخر استطلاع للرأي اعتبار غالبية الناخبين الألمان، أنه كان من الخطأ اختيارها بدلا من زميلها الذي يشاركها في رئاسة الحزب روبرت هابيك، للترشح لمنصب المستشارية. وكشف استطلاع أجراه معهد “سيفي” لحساب صحيفة “أوغسبورغر ألغماينه”، الألمانية الصادرة يوم (الثالث من يوليو)، أن 61% من الألمان لا يؤيدون قرار الحزب، مقابل 24% فقط يرونه صائبا. غير أن نفس الاستطلاع أظهر أن 64% من أنصار الحزب موافقون على ترشيح بيربروك مقابل 24% الذين يرون عكس ذلك، فيما يرى 14% فقط من الناخبين الألمان في عموم البلاد أن بيربوك ستكون المستشارة التالية لألمانيا خلفا لأنغيلا ميركل. ويعتقد 79% انعدام فرص بيربوك في تحقيق نجاح في الانتخابات يؤهلها لشغل هذا المنصب.

“تليمذة كول”


كان الألماني الأسبق، هيلموت كول، يطلق على أنغيلا ميركل، لقب “تلميذة”. لم تخرج ميركل من عباءته إلا بعد فترة طويلة في عام 2001، عندما كان الحزب المسيحي الديمقراطي CDU في المعارضة، وكانت ميركل زعيمة الحزب، غير أن فرصتها الكبيرة لم تأت إلا عام 2005.

بداية متعثرة

بفارق ضئيل فاز الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU على الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD بقيادة المستشار غيرهارد شرودر في انتخابات عام 2005. سجل الحزب المسيحي الديمقراطي بقيادة المرشحة لمنصب المستشارة، أنغيلا ميركل أسوأ نتيجة له منذ عام 1949. هذه الظروف كانت لا تبدو جيدة في بداية مشوار أي مستشار جديد، لكن ميركل سرعان ما ثبتت أقدامها بين كبار الساسة.

أول مستشارة في تاريخ ألمانيا
في نهاية المطاف، أتفق التحالف الاتحاد المسيحي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي تشكيل تحالف كبير. شرودر هنأ المستشارة الجديدة أنغيلا ميركل، التي تم انتخابها في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2005 من قبل البرلمان الألماني كأول مستشارة امرأة في تاريخ ألمانيا، وأصغر سياسية، والأولى من ألمانيا الشرقية سابقا، وأول عالمة فزياء في هذا المنصب.

الهيمنة على المشهد السياسي
تمكنت ميركل من الهيمنة على الساحة السياسة بسرعة. في قمة مجموعة الثماني في عام 2007، استقبلت رؤساء دول وحكومات أهم سبع دول صناعية وروسيا في منتجع هيليغيندام على بحر البلطيق، ومازحت الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش (إلى اليسار) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من الناحية الجيوسياسية، فقد كانت أجواء عالم السياسية في هذه الفترة أفضل بكثير مما هي عليه اليوم.

لعبة الألوان والسياسة
مظهر وأزياء المستشارة، ملفتة للنظر أيضاً، فهي دائما ما تطل بسترات ذات ألون معينة وعادة ما يظل لون البناطيل التي ترتديها غامق اللون، وما يتغير هو لون السترة فقط. بسبب تغير الألوان هذا، يعتقد الخبراء أنهم يستطيعون معرفة الحالة المزاجية للمستشارة أو الرسالة التي تحاول نقلها.

الأكثر شعبية داخل الاتحاد الأوروبي
في بداية الأزمة المالية، صعدت شعبية ميركل بسرعة وتحولت إلى رقم واحد بلا منازع في الاتحاد الأوروبي. هنا في خريف عام 2008، تظهر ميركل بابتسامة لطيفة أمام اثنين من مفتولي العضلات على المسرح الأوروبي، الرئيس الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي (في المقدمة) ورئيس الوزراء الإيطالي في ذلك الحين، سيلفيو برلسكوني.

التعامل مع الأزمة المالية
عندما ازدادت ديون العديد من الدول الأوروبية، وأصبحت العملة الموحدة في خطر، وافقت ميركل على مساعدات مكثفة، لكنها في المقابل طالبت بإجراءات تقشفية في البلدان المعنية، ما أثار نقمة على ميركل هناك أعاد الذكريات المرة، خاصة في اليونان، حيث قارنت الصحف اليونانية تعاملها بالاحتلال النازي إبان الحرب العالمية الثانية.

منبر الشعب
هي متحدثة متمكنة، حب الظهور لا يعنيها كثيراً، غالباً ما تبدو صلبة، وحازمة في سياستها، لكن أسلوبها الرصين والواقعي والمتواضع يروق للكثيرين، وإلا لما كانت ستستطيع أن تدير الأمور في بلادها كل هذه السنوات.

“ماما ميركل”
في مرحلة ما اطلق عليها لقب “ماما ميركل”. وطبعا ليس المقصود الأم بل أم الأمة، إنه نوع من السخرية أو المحبة وهو تقليد قديم. إذ لم يعد هذا الوصف يستخدم من قبل الصغار اليوم. الأم تعطي الاهتمام والعناية، ما يبدد الخوف. أما الجانب السلبي لهذا الوصف، هو أن الأطفال يبقون دائماً أطفالًا ولا يحب الجميع هذا.

“يمكننا فعل ذلك”
أكثر ما اشتهرت به أنغيلا ميركل، هو جملتها الشهيرة “يمكننا فعل ذلك”، التي قالتها إبان موجة اللاجئين.، عندما أبقت الحدود مفتوحة أمام اللاجئين والمهاجرين في عامي 2015 و2016. لذلك اعتبرها البعض بمثابة قديسة لكن البعض الآخر أنتقدها بشدة. الانقسام في تقييم سياستها تجاه اللاجئين ما يزال قائما حتى اليوم.

“شخصية العام” 2015
في عام 2015 ، أطلقت مجلة “تايم” على ميركل لقب “شخصية العام” وحتى “مستشارة العالم الحر”، بسبب قدرتها على الإدارة في المواقف الصعبة، بدءاً من تعاملها مع الأزمة المالية العالمية ومروراً بأزمة اللاجئين.

ملهمة النساء
ميركل هي أول امرأة في المستشارية، لكنها لم تجعل من ذلك قضية سياسية كبرى لها، غير أنه بفضل دعمها كان لبعض النساء مسيرة مهنية بارزة في الحكومة الألمانية. من أبزر الأسماء النسائية البارزة في المشهد السياسي الحالي: أنغريت كرامب كارينباور (رئيسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي ووزيرة الدفاع)، و أورزولا فون دير لاين (رئيسة المفوضية الأوروبية)، وجوليا كلوكنر (وزيرة الزراعة)


المصلحة الوطنية
ميركل متحفظة ولا تظهر آراءها السياسية أو الشخصية بشأن رؤساء الدول والحكومات، وفي أغلب الأحيان تعبر عن آراء غامضة للغاية. هي تحرص في تعاملها على ما تقتضيه المصلحة الوطنية


الغرور ليس من صفاتها
تعلم كم يبلغ ثمن لتر من الحليب!. حتى بعد سنوات من توليها منصب المستشارة، لم يغر ذلك شيئاً من أنغيلا ميركل. هنا في عام 2014 زارت أحد المحلات التجارية في برلين مع ضيفها المسؤول الصيني لي كه تشيانغ. لكنها شوهدت أيضا وهي تتسوق وحدها، كربة منزل.

سر حركة اليد المقبوضة
اشتهرت ميركل بحركة اليد المقبوضة، ولا أحد يعلم ما الذي تخفيه تلك الحركة. هي نفسها تقول إن الحركة تساعدها في الحفاظ على الجزء العلوي من جسمها مستقيماً ولا توجد رسالة أخرى من وراءها. على أي حال، استخدم الحزب المسيحي الديمقراطي حركة اليد على هذا الملصق الضخم خلال الحملة الانتخابية الألمانية لعام 2013 للتعبير عن الثقة والهدوء.

حياة ميركل الخاصة
لا يُعرف سوى القليل عن حياة ميركل الخاصة. إنها لا تكشف الكثير عنها، وربما لا يهتم الناس بذلك. نعلم، على سبيل المثال، أن ميركل وزوجها يواخيم زاور، العالم الفيزيائي أيضاً (في الصورة) يقضيان كل سنة إجازة عيد الفصح في جزيرة إيشيا الإيطالية، لكن هذا لم يكن ممكنا هذا العام بسبب الجائحة.


إدارة أزمة كورونا
لقد غير الوباء الكثير في ألمانيا، ليس فقط طقوس إجازة المستشارة. ولطالما تعرضت سياسة ميركل الجادة والموضوعية للانتقادات، لكن تعاملها مع الوباء قد سجل أيضاً أرقاماً قياسية جديدة في شعبيتها.


قرب الوداع
أعلنت ميركل قبل عامين عن عدم رغبتها الترشح لولاية خامسة في انتخابات خريف عام 2021، لكنها حتى ذلك الحين تريد البقاء في المنصب. في حالة استمرارها في المنصب، كانت ميركل ستقترب من الحكم لما يقرب من 16 عاماً وبمدة أقصر بقليل من هيلموت كول، صاحب الرقم القياسي السابق في المستشارية.


صحيفة “آوغسبورغه ألغماينه” (السابع من يوليو) ذهبت إلى حد اعتبار أن سيناريو “دفع الخضر ببيربوك إلى التنازل عن العرش، سينهي مسيرتها السياسية بشكل فوري. وفي حال حدوث ذلك، فلن تتمكن حتى من تولي منصب وزاري إذا قرر الحزب دخول الحكومة (..) لذلك يتعين على المرشحة بيربروك إثبات أنها قوية بما يكفي لتحمل الرياح المعاكسة”.

يذكر أنه بعد اختيار الخضر لبيربوك في منتصف ابريل / نيسان مرشحة له لمنصب المستشارية، حققت شعبية الحزب ارتفاعا قياسيا في مرحلة أولى، بل تجاوزت نسبة تأييد الخضر حينها نسبة تأييد التكتل المسيحي الذي تقوده ميركل، وذلك قبل أن تتراجع هذه النسبة تدريجيا في سياق سلسلة من القضايا موضع الجدال.

قلة التجربة ـ ثمن باهض مقابل أخطاء “صغيرة “
ارتكبت أنالينا بيربوك، منذ إعلان ترشيحها، عددًا من الأخطاء الصغيرة ولكنها مزعجة، من بينها سيرتها الذاتية غير الدقيقة المليئة بالأخطاء وإن كانت بسيطة نسبيًا، عدم تصريحها بمداخيل تلقتها من قبل حزبها، وهو أمر محرج خاصة، بالنسبة لحزب يضع الشفافية عنوانا عريضا لبرنامجه السياسي. إضافة إلى اتهامات بالسرقة الأدبية أو على الأقل بعدم الدقة في الاستشهادات في كتاب ألفته المرشحة لخلافة ميركل.

صحيفة “تاغشبيغل” البرلينية (التاسع من يوليو) علقت على أخطاء بيربوك وسردت عددا من حالات السرقات الأدبية لسياسيين قبلها وكتبت: “بدون غوغل ما كان لقضية بيربوك أن تنفجر ولا قضية غوتنبيرغ (وزير الدفاع السابق) (..) فهل بات السياسيون اليوم أكثر عبثًا وقسوة مما كانوا عليه من قبل؟ هذا أمر غير دقيق فالذي تغير هو الوسائل والأدوات للتحقق من تفاصيل السيرة الذاتية والأكاديمية. وبالتالي فإن أمل عدم الكشف عن سوء في السلوك هو أمر ساذج (من قبل السياسيين)”.

تعثر الخضرفي السباق نحو المستشارية لا يعود فقط لأخطاء مرشحتهم، وإنما أيضا لعدم اليقين مما إذا كانوا قادرين كحزب على إقناع الألمان بضرورة تغيير جذري للتوجه السياسي للبلاد، على غرار ما قام به المستشار فيلي براندت عام 1969، الذي قاد إصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية وغير توجه السياسة الخارجية؟ وبهذا الصدد كتبت “هاندلسبلات” (18 يونيو) “حتى بعد انقشاع فقاعة بيربوك، فإن دعم حزب الخضر أعلى بكثير مما كان عليه الأمر في عام 2017. لكن مستوى هذا الدعم حاليا، ليس كافيا لإحداث تغيير جذري”.


أرمين لاشيت ـ مصائب قوم عند قوم فوائد
بعد عدة أشهر من التراجع أمام الخضر، عاد التكتل المسيحي بقوة إلى تصدر نوايا التصويت ليراوح الآن حوالي 30% من نوايا الناخبين، وفقًا لاستطلاعات الرأي. وعلى الرغم من ضعف شعبيته، استفاد لارمين لاشيت (مرشح المحافظين لخلافة ميركل) رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي ورئيس وزراء ولاية شمال الراين-فيستفاليا، من الأخطاء التي ارتكبها الخضر. غير أن المفارقة تكمن في أن المحافظين لا يرغبون في المبالغة في انتقاد الخضر الذين يمكن وفق استطلاعات الرأي، أن يكونوا شركاء لهم في الائتلاف الحكومي المقبل. وقد يشمل هذا الائتلاف كذلك الليبراليين الألمان من الحزب الديمقراطي الحر.

لاشيت سياسي ذو تجربة طويلة وهو من أقرب المقربين من ميركل، يمكنه الاعتماد على معسكر يبدو أنه نجح في إنهاء النزاعات بين قياداته، معسكر مصمم على الاستفادة من مناخ التعافي بعد جائحة كورونا للبقاء في السلطة لأربع سنوات أخرى. المحافظون على وعي بأهمية موضوع التغيير المناخي كما ظهر في برنامجهم الانتخابي بتحديد هدف تحقيق “حياد الكربون” بشكل كامل عام 2045، خصوصا بعدما ذكرت به محكمة العدل الأوروبية مؤخرا.

وعلى الصعيد الدولي، يغلب على البرنامج الطابع الاطلسي والمؤيد لأوروبا. ويدعو كذلك إلى احتواء محاولات الهيمنة من قبل الصين ويرفض تماما انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

صحيفة “نويه تسوريخه تسايتونغ” (22 يونيو) علقت على البرنامج الانتخابي المشترك للتكتل المسيحي الحاكم وكتبت أن “الحفاظ على السلطة هو الهدف الأسمى، حين يتعلق الأمر بالبقاء كأقوى قوة سياسية، فالتكتل المسيحي كان دائمًا قادرا على إظهار براغماتية مذهلة (..) “البرنامج الانتخابي محافظ في أجزاء منه وصديق لمناخ الأعمال وبصبغة المحافظة على البيئة، (..) لم يكن لديهم أي خيار آخر: فالاستمرار تماما كما كان عليه الأمر ليس بديلاً، بعد ستة عشر عامًا من حكم ميركل، لكن، دون خطوة كهذه فالتكتل لن يستطيع أن يبيع للناخبين بمصداقية، الخروج عن سياسة المستشارة”.


ما لا تعرفه عن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل
الأحزاب السياسية المتنافسة في التشريعيات الألمانية
هذه قائمة الأحزاب الكبرى المتنافسة في التشريعيات الألمانية وهي أحزاب ممثلة في البرلمان (بوندستاغ) أو في البرلمانات الولائية:

التكتل المسيحي ويضم: الحزبان الديموقراطي المسيحي (CDU) الذي تنتمي له ميركل والاجتماعي المسيحي (CSU) الحزب الشقيق والمهيمن في ولاية بافاريا. الحزبان منخرطان في فريق موحد في البرلمان (بوندستاغ) كتكتل مسيحي. الحزب الديموقراطي المسيحي عكس شقيقه الأصغر حاضر في كل الولايات الألمانية باستثناء بافاريا.

حزب الخضر(die Grünen / Bündnis 90)وهو حزب يعني بشكل أساسي بالبيئة، تأسس عام 1980. هذا الحزب أمام فرصة تاريخية ليصبح لأول مرة ثاني قوة سياسية في البلاد في انتخابات 2021، ولما لا، نظريا على الأقل، أن يعين في صفوفه مستشار(ة) لخلافة ميركل.

الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD)، وهو حزب عتيد، له تجربة حكومية كبيرة، وسبق له أن قاد الحكومة في عهد المستشار الاشتراكي السابق غيرهارد شرودر. وهو حليف في الائتلاف الحكومي الذي تقوده ميركل حاليا. لكن الحزب قد لن يتمكن من الاعتماد على إنجازاته الحكومية في الانتخابات المقبلة، فوفقا لاستطلاعات الرأي، فهو يحظى بأقل من 20 في المائة من نوايا الناخبين.

الحزب الديمقراطي الحر (FDP) وهو أحد الأحزاب العتيدة في تاريخ ألمانيا، أعطى الكثير من الشخصيات السياسية المعروفة عالميا من بينهم وزير الخارجية الراحل هانس ديتريش غينشر. غير أن وزن الحزب في الحياة السياسية تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة، بل وبات يكافح في كل استحقاق انتخابي من أجل عتبة خمسة بالمائة الضرورية للتمثيلية في البرلمان.

حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD)، وهو أحدث الأحزاب في الساحة السياسية، تأسس عام 2013، كحركة احتجاج سياسية ضد أوروبا وسياسية الهجرة، يوصف بأنه شعبوي ومعاد للإسلام.

حزب اليسار(Die Linke) هو الوريث الشرعي للحزب الديموقراطي الاشتراكي (ألمانيا الشرقية سابقا)، أعاد تحديد توجهه الإيديولوجي وغير اسمه أكثر من مرة بعد توحيد الألمانيتين. حصد 8.5 بالمائة في آخر انتخابات تشريعية عرفتها البلاد

حسن زنيند

المصدر : موقع “DW دويتشه فيله” الألماني.

أدناه رابط التقرير كما هو منشور في موقع ” DW”

https://m.dw.com/ar/%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%84-%D9%80-%D8%AA%D8%B9%D8%AB%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B6%D8%B1-%D9%8A%D9%8F%D8%B1%D8%AC%D8%AD-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9/a-58219469

شاهد أيضاً

بالصور: أكبر المظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة

اسطنبول لندن لندن مصر المغرب فرنسا اسبانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *